Progress Donasi Kebutuhan Server — Your Donation Urgently Needed — هذا الموقع بحاجة ماسة إلى تبرعاتكم
Rp 1.500.000 dari target Rp 10.000.000
الثَّانِي، بَلْ هِيَ مَحْمُودَةٌ؛ فَذَمُّهَا بِإِطْلَاقٍ لَا يَسْتَقِيمُ، كَمَا أَنَّ مَدْحَهَا بِإِطْلَاقٍ لَا يَسْتَقِيمُ، وَالْأَخْذُ لَهَا مِنَ الْجِهَةِ الْأُولَى مَذْمُومٌ يُسَمَّى أَخْذُهُ رَغْبَةً فِي الدُّنْيَا وَحُبًّا فِي الْعَاجِلَةِ، وَضِدُّهُ هُوَ الزُّهْدُ فِيهَا، وَهُوَ تَرْكُهَا مِنْ تِلْكَ الْجِهَةِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ تَرْكَهَا مِنْ تِلْكَ الْجِهَةِ مَطْلُوبٌ، وَالْأَخْذُ لَهَا مِنَ الْجِهَةِ الثَّانِيَةِ غَيْرُ مَذْمُومٍ، وَلَا يُسَمَّى أَخْذُهُ رَغْبَةً فِيهَا، وَلَا الزُّهْدُ فِيهَا مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ مَحْمُودٌ، بَلْ يُسَمَّى سَفَهًا وَكَسَلًا وَتَبْذِيرًا.
وَمِنْ هُنَا وَجَبَ الْحَجْرُ عَلَى صَاحِبِ هَذِهِ الْحَالَةِ١ شَرْعًا، وَلِأَجْلِهِ كَانَ الصَّحَابَةُ طَالِبِينَ لَهَا، مُشْتَغِلِينَ بِهَا، عَامِلِينَ فِيهَا؛ لِأَنَّهَا مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ عَوْنٌ عَلَى شُكْرِ اللَّهِ عَلَيْهَا، وَعَلَى اتِّخَاذِهَا مَرْكَبًا لِلْآخِرَةِ، وَهُمْ كَانُوا أَزْهَدَ النَّاسِ فِيهَا، وَأَوْرَعَ النَّاسِ فِي كَسْبِهَا؛ فَرُبَّمَا سَمِعَ أَخْبَارَهُمْ فِي طَلَبِهَا مَنْ يَتَوَهَّمُ أَنَّهُمْ طَالِبُونَ لَهَا مِنَ الْجِهَةِ الْأُولَى لِجَهْلِهِ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ، وَحَاشَ لِلَّهِ مِنْ ذَلِكَ، إِنَّمَا طَلَبُوهَا مِنَ الْجِهَةِ الثَّانِيَةِ؛ فَصَارَ طَلَبُهُمْ لَهَا مِنْ جُمْلَةِ عِبَادَاتِهِمْ، كَمَا أَنَّهُمْ تَرَكُوا طَلَبَهَا مِنَ الْجِهَةِ الْأُولَى؛ فَكَانَ ذَلِكَ أَيْضًا مِنْ جُمْلَةِ عِبَادَاتِهِمْ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَأَلْحَقَنَا بِهِمْ، وَحَشَرَنَا مَعَهُمْ، وَوَفَّقَنَا لِمَا وَفَّقَهُمْ لَهُ بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ.
فَتَأَمَّلْ هَذَا الْفَصْلَ؛ فَإِنَّ فِيهِ رَفْعَ شُبَهٍ كَثِيرَةٍ تَرِدُ عَلَى النَّاظِرِ فِي الشَّرِيعَةِ وَفِي أَحْوَالِ أَهْلِهَا، وَفِيهِ رَفْعُ مَغَالِطَ تَعْتَرِضُ لِلسَّالِكِينَ لِطَرِيقِ الْآخِرَةِ؛ فَيَفْهَمُونَ الزُّهْدَ وَتَرْكَ الدُّنْيَا عَلَى غَيْرِ وَجْهِهِ؛ كَمَا يَفْهَمُونَ طَلَبَهَا عَلَى غَيْرِ وَجْهِهِ؛ فَيَمْدَحُونَ مَا لَا يُمْدَحُ شَرْعًا، وَيَذُمُّونَ مَا لَا يُذَمُّ شَرْعًا.
وَفِيهِ أَيْضًا مِنَ الْفَوَائِدِ فَصْلُ الْقَضِيَّةِ بَيْنَ الْمُخْتَلِفِينَ فِي مَسْأَلَةِ الْفَقْرِ وَالْغِنَى، وَأَنْ لَيْسَ الْفَقْرُ أَفْضَلَ مِنَ الْغِنَى بِإِطْلَاقٍ، وَلَا الْغِنَى أَفْضَلَ بِإِطْلَاقٍ، بَلِ الْأَمْرُ فِي ذَلِكَ يَتَفَصَّلُ؛ فَإِنَّ الْغِنَى إِذَا أَمَالَ إِلَى إيثار العاجلة كان بالنسبة إلى
١ أي: حالة التبذير بوضعها في غير موضعها. "د".