وأما المتواتر فكل خبر علم مخبره ضرورة1 وقد فرق بعضهم بين أخبار الاستفاضة وأخبار التواتر وزعم أن أخبار الاستفاضة ما تبدوا منتشرة ويكون انتشارها فى أولها مثل انتشارها فى آخرها وأخبار التواتر ابتدا به الواحد بعد الواحد حتى يكثر عددهم ويبلغوا عددا ينتفى عن مثلهم المواطأة معه والأصح أن لا فرق لأن من حيث اللسان كلاهما واحد وهذا الفرق لا يعرفه أحد من أهل اللسان.
وأما شروط التواتر فأشياء:
منها: أن يعلم المخبرون ما أخبروا به عن ضرورة أما بعلم الحس من سماع أو مشاهدة وأما بأخبار متواترة فإن وصل إليهم بخبر الواحد لم يصح منهم التواتر.
والثانى: أن يكثر المخبرون كثرة يمتنع معها اتفاق الكذب منهم والتواطؤ عليه لأنا لو جوزنا أن يشتركوا فى الخبر اتفاقا أو متواطىء أو تراسل لم تأمن أن يكونوا كذبوا فى الخبر وقد عبروا بما قلناه وهو أن الشرط أن يكون شواهد أحوالهم تنفى عن مثلهم المواطأة والغلط.
والشرط الثالث: أن يتفقوا على الخبر من حيث المعنى وأن اختلفوا فى العبارة فإن اختلفوا فى المعنى بطل تواترهم.
الشرط الرابع أن يستوى طرفاه ووسطه فيؤدى العدد الذى ذكرناه عن مثله إلى أن يصل بالمخبر عنه.
وممكن أن يختصر هذا كله فيقال الشرط أن يكثر المخبرون كثرة يمتنع معها التواطؤ على الكذب ويكونوا بما أخبروا به مضطربين2 وهذا كاف ثم اعلم أنه ليس فى عدد المخبرين فى التواتر حصر وعدد معلوم لا يزاد عليه وإنما الشرط ما ذكرناه وإنما لم.