على اختلاف حالين ومن أصحابه من غلب على اختلاف قولين والأول أولى لأن ما أمكن حمله على الوفاق كان أولى من حمله على الخلاف.
والقسم الرابع: ما اختلف قوله فيه لاختلاف القراءة أو لاختلاف الرواية باختلاف القراءة مثل قوله تعالى: {أَوْ لمَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً} النساء: 43 فقرئ "أو لامستم النساء" و "لامستم" يوجب الوضوء على الملامس والملموس ولمستم يوجب على اللامس دون الملموس1. واختلاف الرواية كالمروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيان المواقيت أنه صلى العشاء الآخرة في اليوم الثاني حين ذهب من الليل نصفه وفى رواية أخرى: حين ذهب الليل ثلثه2 فلأجل اختلاف الرواية واختلاف القراءة اختلف قوله ولا يتوجه عليه في مثل هذا إنكار لأن اختلاف الدليل أوجب اختلاف المدلول فإن ترجح عنده إحدى القراءتين أو إحدى الروايتين كان مذهبه ما ترجح وإن لم يترجح أحدهما كان الترجيح مذهبا لمن ترجح عنده ولم يكن مذهبا للإمام الشافعى لأنه لم يترجح عنده ولا يجوز أن يضاف إليه مذهب هو عنده مجهول وإن كان عند غيره معلوما.
وأما القسم الخامس: فهو ما اختلف قوله فيه لأنه عمل على أحد القولين بظاهر من كتاب الله تعالى ثم بلغته مسألة ثابته نقلته عن الظاهر إلى قول آخر كقول الله تعالى في صيام المتمتع: {فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ} البقرة: 196 فأخذ بظاهره وأوجب صيامها في أيام التشريق لأنها الظاهر من أيام الحج ثم روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن صيامها3 فعدل بهذه الرواية عما عمله به من ظاهر الكتاب وأوجب صيامها بعد إحرامه. وقيل: يوم عرفة اتباعا للسنة.