فإن قال قائل: ولم اختيرت الهمزة ليقع الابتداء بها، دون غيرها من سائر الحروف، نحو الجيم والطاء وغيرهما.
فالجواب أنهم إنما أرادوا حرفا يتبلغ به في الابتداء، ويحذف في الوصل، للاستغناء عنه بما قبله، فلما اعتزموا على حرف يمكن حذفه واطراحه1 مع الغنى عنه، جعلوه الهمزة، لأن العادة فيها في أكثر الأحوال حذفها للتخفيف، وهي مع ذلك أصل، فكيف بها إذا كانت زائدة، ألا تراهم حذفوها أصلا في نحو: خذ وكل ومر وويلمه2 وناس3 والله4 في أحد قولي سيبويه.
وقالوا: ذن لا أفعلن، فحذفوا همزة إذن.
وقال الآخر5:
وكان حاملكم منا وافدكم
... وحامل المين بعد المين والألف6
أراد المئين، فحذف الهمزة، وأراد الألف، فحرك اللام ضرورة، وقالوا: جا يجي، وسا يسو، بلا همز، وله نظائر ولو، أنهم زادوا في مكانها غيرها، لما أمكن حذفه، لأنه لم يحذف غيرها من الحروف كما حذفت هي، فكانت الهمزة بالزيادة في الابتداء أحرى من سار الحروف.