فإن قلت: فهلا وسموا لام الجزم بالزيادة، لأنها حرف واحد، وليست بدلا من الباء ولا من غيرها؟
فالجواب أن أمثلة الأفعال محصورة ضيقة، يحيط بها الوصف والتحجر1 عن قرب، فقد علم أن اللام لا يظن بها أنها من جملة المثال2. الذي دخلت عليه، والأسماء ليست كذلك لأنها كثيرة الأمثلة، منتشرة الموازين يمكن أن يظن بحروف الجر المفردة أنها مبنية مع بعضها، فلذلك احتاجوا إلى سمتها بالزيادة، ليؤمن فيها الإشكال3. ألا ترى أن قولك بعمرو، ولعمرو بوزن سبطر4 ودمثر، وأنت لو قلت، ليقم وليقعد لم تجد هنا مثالا من الأفعال يلتبس به هذان الفعلان.
فهذا كله يسشهد بعلة تسميتهم هذه الحروف زوائد، ويحتج عمن عبر عنهم بهذه العبارة، فأما حذاق أصحابنا فلا يسمونها بذلك، بل يقولون في الباء واللام إنهما حرفا الإضافة، وفي الكاف حرف جر، وحرف تشبيه.
ويدلك أيضا على أنهم لا يريدون في هذه الأحرف بالزيادة ما يريدونه في حقيقة التصريف، أنهم يقولون في قولنا: "ليس زيد بقائم" إن الباء زائدة في خبر ليس، لأن معناه ليس زيد قائما، وإذا قالوا مررت بزيد لم يقولوا في هذه الباء إنها زائدة، لأنه ليس من عادتهم أن يقولوا مررت زيدا، وإن كنا نعلم أنها زائدة في الموضعين جميعا، فقد علمت بهذا أنهم لا يريديون بالزيادة هنا حقيقة التصريف، وهذا أمر واضح مفهوم.
ومن طريف ما يحكى من أمر الباء أن أحمد بن يحيى قال في قول العجاج5:
يمد زأرا وهدير زغدبا6