إن الباء فيه زائدة، وذلك أنه لما رآهم يقولون هدير زغد، وزغدب، واعتقد زيادة الباء في زغدب، وهذا تعجرف منه، وسوء اعتقاد، ويلزم من هذا أن تكون الراء في سبطر ودمثر زائدة، لقولهم: سبط1 ودمث2، وسبيل ما كانت هذه حاله ألا يحفل به، ولا يتشاغل بإفساده.
واعلم أنهم قد سموا هذا الباء في نحو قوله: مررت بزيد، وظفرت ببكر، وغير ذلك، مما تصل فيه الأسماء بالأفعال، مرة حرف إلصاق، ومرة حرف استعانة، ومرة حرف إضافة وكل هذا صحيح من قولهم.
فأما الإلصاق فنحو قولك أمسكت زيدا، يمكن أن تكون باشرته نفسه، وقد يمكن أن تكون منعته من التصرف من غير مباشرة له، فإذا قلت: أمسكت بزيد، فقد أعلمت أنك باشرته وألصقت محل قدرك3، أو ما اتصل بمحل قدرك به أو بما اتصل به، فقد صح إذن معنى الإلصاق.
وأما الاستعانة فقولك: ضربت بالسيف، وكتبت بالقلم، وبريت بالمدية4، أي استعنت بهذه الأدوات على هذه الأفعال.
وأما بالإضافة فقولك مررت بزيد، أضفت مرورك إلى زيد بالباء، وكذلك عجبت من بكر، أضفت عجبك من بكر إليه بمن.
فأما ما يحكيه أصحاب الشافعي5 رحمه الله عنه، من أن الباء للتبعيض، فشيء لا يعرفه أصحابنا، ولا ورد به ثبت.