وقرأت عليه أيضا عنه1:
إذا لاقيت قوما فاسأليهم
... كفى قوما بصاحبهم خبيرا
وهذا من المقلوب. معناه: كفى بقوم خبيرا صاحبهم، فجعل الباء في الصاحب، وموضعها أن تكون في "قوم"، إذ هم الفاعلون في المعنى. وكذلك قوله تبارك اسمه: {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَة} 2 البقرة: 195 ، تقديره والله أعلم: ولا تلقوا بأيديكم، وهذا واسع عنهم جدا.
وأما قول الآخر3:
فأصبحن لا يسألنه عن بما به
... أصعد في علو الهوى أو تصوبا4
فإنه زاد الباء، وفصل بها بين "عن" وما جرته، وهذا من غريب مواضعها.
فأما قولهم: سميته زيدا وبزيد، وكنيته أبا عبد الله وبأبي عبد الله، فليست الباء فيه زائدة، وإنما أوصلوا بها الفعل تارة إلى المفعول، وأوصلوه تارة أخرى بنفسه، كما قالوا: جئته وجئت إليه، وخشنت صدره5، وخشنت بصدره.
فأما قولهم: فرقته وفرقت منه، وجزعته6 وجزعت منه، فأصلهما أن يتعديا بحرف الجر، وإنما يحذف تخفيفا، يدل على ذلك أن فرقت وجزعت أفعال غير واصلة، بمنزلة بطرت7 وأشرت وعرصت وهبصت8.