فأما قول أبي الحسن1 إنه جر إذ لأنه أراد قلبها حين، ثم حذفها، وبقي الجرُّ فيها، وتقديره حينئذٍ، فساقطٌ غير لازم، ألا ترى أن الجماعة قد أجمعت على أن إذْ، وكَمْ، ومِنْ من الأسماء المبنية على الوقف.
وقد قال أيضًا أبو الحسن نفسه في بعض التعاليق عنه في حاشية الكتاب: بُعْدُ "كم، وإذْ" من المتمكنة أن الإعراب لم يدخلها قط. فهذا تصريح منه ببناء إذ، وهو الأليق به والأشبه باعتقاده، وذلك القول الذي حكيناه عنه شيء قاله في كتابه الموسوم بمعاني القرآن، وإنما هو شبيه بالسهو منه، على أن أبا علي قد اعتذر له منه بما يكاد يكون عذرًا.
ويؤكد عندك ما ذكرته من بناء إذ أنها إذا أضيفت فهي مبنية، وذلك نحو قوله عَزَّ اسْمُهُ: {إِذِ الأَغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ} غافر: 71 2 {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ} البقرة: 127 3 {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ} الأحزاب: 37 4 وقول القطامي5:
إذ لا ترى العينُ إلا كل سابحة
... وسابحٍ مثل سيد الردهة العادي6
"إذْ" في هذا كله ونحوه مضافة إلى الجمل بعدها، وموضعها نصب، وهي كما ترى مبنية، فإذا كانت في حال إضافتها إلى الجمل مبنية من حيث كانت الإضافة إلى الجملة كلا إضافة، لأن من حق الإضافة وشرطها أن تقع إلى الأفراد، فهي إذا لم تضف في اللفظ أصلا أجدر باستحقاق البناء، وذلك نحو يومئذٍ وحينئذٍ.