أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْمُقْرِئُ ، أنبا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، ثنا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ ، ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ ، ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ أَيُّوبَ ، وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ ، أنبا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ ، نا عُبَيْدُ بْنُ شَرِيكٍ ، أنا أَبُو صَالِحٍ ، أنبا الْفَزَارِيُّ ، أنبا سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ ، عَنْ أَيُّوبَ ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ مِنْ أَهْلِ الإِسْلامِ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُهُ عَنِ الإِسْلامِ وَفِي رِوَايَةِ حَمَّادٍ ، قَالَ : عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ : " أَسْلِمْ تَسْلَمْ " ، قَالَ : وَمَا الإِسْلامُ ؟ قَالَ : " تُسْلِمُ قَلْبَكَ لِلَّهِ ، وَيَسْلُمُ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِكَ وَيَدِكَ " ، قَالَ : فَأَيُّ الإِسْلامِ أَفْضَلُ ؟ قَالَ : " الإِيمَانُ " ، قَالَ : فَمَا الإِيمَانُ ؟ قَالَ : " تُؤْمِنُ بِاللَّهِ ، وَمَلائِكَتِهِ ، وَكُتُبِهِ ، وَرُسُلِهِ ، وَبِالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ " ، قَالَ : فَأَيُّ الإِيمَانِ أَفْضَلُ ؟ قَالَ : " الْهِجْرَةُ " ، قَالَ : وَمَا الْهِجْرَةُ ؟ قَالَ : " أَنْ تَهْجُرَ السُّوءَ " ، قَالَ : فَأَيُّ الْهِجْرَةِ أَفْضَلُ ؟ قَالَ : " الْجِهَادُ " ، قَالَ : وَمَا الْجِهَادُ ؟ قَالَ : " أَنْ تُجَاهِدَ ، أَوْ قَالَ : تُقَاتِلَ الْكُفَّارَ إِذَا لَقِيتَهُمْ " ، وَفِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ ، قَالَ : تُقَاتِلَ الْعَدُوَّ إِذَا لَقِيتَهُمْ ، وَلا تَغُلَّ وَلا تَجْبُنْ ، وَفِي رِوَايَةِ حَمَّادٍ : ثُمَّ لا تَغُلَّ وَلا تَجْبُنْ ، وَزَادَ ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " ثُمَّ عَمَلانِ هُمَا مِنْ أَفْضَلِ الأَعْمَالِ إِلا مَنْ عَمِلَ عَمَلا بِمِثْلِهِمَا ، وَقَالَ بِإِصْبَعَيْهِ هَكَذَا السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى : حَجَّةٌ مَبْرُورَةٌ ، أَوْ عُمْرَةٌ مَبْرُورَةٌ " ، قَالَ الْحَلِيمِيُّ ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى : فَأَبَانَ هَذَا الْحَدِيثُ أَنَّ الإِسْلامَ الَّذِي أَخْبَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّهُ هُوَ الدِّينُ عِنْدَهُ بِقَوْلِهِ : إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ سورة آل عمران آية 19 ، وَقَوْلِهِ : وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ سورة آل عمران آية 85 ، وَقَوْلِهِ : الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا سورة المائدة آية 3 ، يُنَظِّمُ الاعْتِقَادَ وَالأَعْمَالَ الظَّاهِرَةَ لأَنَّ قَوْلَهُ : الإِسْلامُ أَنْ تُسْلِمَ قَلْبَكَ لِلَّهِ إِشَارَةٌ إِلَى تَصْحِيحِ الاعْتِقَادِ ، وَقَوْلَهُ : أَنْ يَسْلَمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِكَ وَيَدِكَ إِشَارَةٌ إِلَى تَصْحِيحِ الْمُعَامَلاتِ الظَّاهِرَةِ ، ثُمَّ صَرَّحَ بِذَلِكَ ، فَأَخْبَرَ أَنَّ الإِيمَانَ أَفْضَلُ الإِسْلامِ ، وَفَسَّرَهُ بِأَنَّهُ الإِيمَانُ بِاللَّهِ ، وَمَلائِكَتِهِ ، وَكُتُبِهِ ، وَرُسُلِهِ ، وَالْبَعْثِ ، أَرَادَ أَنَّ الإِيمَانَ بِالْغَيْبِ أَفْضَلُ مِنَ الإِيمَانِ بِمَا يُشَاهَدُ وَيُرَى ، وَهَذَا مُوَافِقٌ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ سورة البقرة آية 3 ، مَدْحًا لَهُمْ وَثَنَاءً عَلَيْهِمْ ، ثُمَّ أَبَانَ أَنَّ الاعْتِقَادَ وَعَامَّةَ الأَعْمَالِ إِيمَانٌ ، فَقَالَ : أَفْضَلُ الإِيمَانِ الْهِجْرَةُ ، ثُمَّ فَرْعُ الْهِجْرَةِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الطَّاعَاتِ كُلَّهَا إِيمَانٌ كَمَا هِيَ إِسْلامٌ ، وَأَنَّ الإِسْلامَ هُوَ الإِذْعَانُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ سَوَاءٌ وَقَعَ بِأَمْرٍ بَاطِنٍ ، أَوْ بِأَمْرٍ ظَاهِرٍ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ الأَمْرَانِ مِمَّا رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى لِعِبَادِهِ أَنْ يَتَقَرَّبُوا بِهِ إِلَيْهِ .