الوليد الكريم، وانتظرت «آمنة» المرضعات اللائى كن يأتين من البادية
إلى «مكة»، ليأخذن الأطفال إلى ديارهن لإرضاعهم بأجر، وكانت
عادة أشراف «مكة» ألا ترضع الأم أطفالها، مفضلين أن تكون
المرضعة من البادية؛ لتأخذ الطفل معها، حيث يعيش فى جو ملائم
لنموه، من سماء صافية، وشمس مشرقة، وهواء نقى، وكانت هناك
قبائل مشهورة بهذا العمل مثل «بنى سعد».
وكان محمد من نصيب واحدة منهن تُدعَى «حليمة السعدية» لم تكن
تدرى حين أخذته أنها أسعد المرضعات جميعًا، فقد حلَّت عليها
الخيرات، وتوالت عليها البركات، بفضل هذا الطفل الرضيع، فسمنت
أغنامها العجاف، وزادت ألبانها وبارك الله لها فى كل ما عندها.
مكث «محمد» عند «حليمة» عامين، وهو موضع عطفها ورعايتها، ثم
عادت به إلى أمه، وألحت عليها أن تدعه يعود معها، ليبقى مدة
أخرى، فوافقت «آمنة» وعادت به «حليمة» إلى خيام أهلها.
حادث شق الصدر:
بقى «محمد» عند «حليمة السعدية» بعد عودتها ثلاثة أعوام أخرى،
حدثت له فى آخرها حادثةُ شقِّ الصدر، وملخصها كما ترويها أوثق
مصادر السيرة: أن «محمدًا» كان يلعب أو يرعى الغنم مع أترابه من
الأطفال، خلف مساكن «بنى سعد» فجاءه رجلان عليهما ثياب بيض،
فأخذاه فأضجعاه على الأرض، وشقا صدره وغسلاه، وأخرجا منه
شيئًا، ثم أعاداه كما كان.
ولما رأى الأطفال ما حدث، ذهب واحد منهم إلى «حليمة» فأخبرها
بما رأى، فخرجت فزعة هى وزوجها «أبو كبشة» فوجدا «محمدًا»
ممتقعًا لونه، فسألته «حليمة» عما حدث فأخبرها، فخشيت أن يكون
ما حدث له مسٌ من الجن، وتخوفت عاقبة ذلك على الطفل، فأعادته
إلى أمه، وقصت عليها ماحدث لطفلها.
موت آمنة بنت وهب:
لما بلغ «محمد» السادسة من عمره أخذته أمه فى رحلة إلى «يثرب»؛
ليزور معها قبر أبيه، ويرى أخوال جده «عبد المطلب» من «بنى
النجار».
وفى طريق العودة مرضت «آمنة» واشتدَّ عليها المرض، وتُوفيت فى