حلف الفضول:
وكما شارك «محمد» قومه فى الحرب فقد شاركهم فى السلم؛ حيث
شهد «حلف الفضول»، الذى تكوَّن عقب حرب الفجار، وكان أول من
دعا إليه عمه «الزبير بن عبد المطلب»؛ لنصرة المظلوم أيا كان، من
أهل «مكة» أو من غيرهم، واجتمعت بعض بطون «قريش»: «بنو
هاشم» و «بنو زهرة»، و «بنو أسد»، و «بنو تيم» فى دار «عبد الله بن
جدعان»، وتعاهدوا ليكونن مع المظلوم حتى يُردَّ إليه حقه. ويصف
النبى مشاركته فى هذا الحلف بقوله: «لقد شهدت مع عمومتى حلفًا
فى دار «عبد الله بن جدعان» ما أحب أن لى به حمر النعم، ولو
أدعى به فى الإسلام لأجبت».
بناء الكعبة:
نزل سيل على «الكعبة» قبل بعثة النبى بحوالى خمسة أعوام، هدَّم
جدرانها، فعزمت «قريش» على إعادة بنائها، وقسَّمت العمل بين
بطونها، وكان النبى - صلى الله عليه وسلم - يعمل بنفسه معهم،
ويحمل الحجارة، حتى إذا ارتفع البناء نحو قامة الرجل اختلفوا فيمن
يضع «الحجر الأسود» فىمكانه؛ كل قبيلة تريد أن تحوز هذا
الشرف دون غيرها، واشتد الخلاف بينهم حتى تداعوا إلى الحرب،
ففزع «أبو أمية بن المغيرة» وخشى عاقبة ذلك، فأشار عليهم بأن
يحتكموا إلى أول رجل يدخل عليهم، فوافقوا على ذلك.
كان النبى - صلى الله عليه وسلم - أول داخل عليهم، فاستبشروا
خيرًا، وقالوا: هذا الأمين رضينا به حكمًا، فطلب منهم أن يبسطوا
ثوبًا، ثم وضع الحجر فيه، وطلب من زعماء القبائل أن يمسك كل منهم
بطرف، ليتمكَّنوا من رفع الحجر إلى موضعه، ثم أخذه النبى
- صلى الله عليه وسلم - بيده الشريفة، ووضعه فى مكانه.
زواج محمد من خديجة:
كانت «خديجة بنت خويلد الأسدية» امرأة شريفة، ذات حسب وجمال ومال
تزوجت مرتين من قبل، وعزمت بعد موت زوجها الثانى ألاتتزوج مرة
أخرى، وأن تتفرغ لإدارة ثروتها، وتنمية تجارتها. ولكنها حين اتصلت
بمحمد - صلى الله عليه وسلم - وعمل فى تجارتها، ورأت فيه من خصال
الخير أعجبت به ورغبت فى الزواج منه، وأسرَّت بذلك إلى إحدى