البعثة، فقد مات كل من عمه «أبى طالب»، وزوجته «خديجة»، وكانا
نعم العون له والمساندة فى تبليغ رسالته، وعلى الرغم من ذلك فإن
النبى - صلى الله عليه وسلم - لم يضعف ولم تهن له عزيمة؛ ومضى
واثقًا بنصر الله يبلغ رسالة الله إلى العالمين.
رحلته إلى الطائف:
أراد النبى - صلى الله عليه وسلم - أن يخرج بالدعوة من نطاق «مكة»،
لعله يجد نصيرًا أو معينًا بعد المضايقات الشديدة التى لقيها من
«قريش» وبخاصة بعد موت «خديجة» و «أبى طالب»، فقرر الذهاب
إلى «الطائف»؛ لعرض دعوته على «ثقيف» رجاء إيمانها به
وبرسالته، لكنهم رفضوا ما عرضه عليهم، ولم يكتفوا بذلك بل سبُّوه
وأهانوه، وسلطوا عليه سفهاءهم وصبيانهم؛ ليضربوه بالحجارة،
فتأثر بذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وبلغ إحساسه بالألم
مداه، فجأر بالشكوى إلى الله قائلا: «اللهم إليك أشكو ضعف
قوتى، وقلة حيلتى، وهوانى على الناس، ياأرحم الراحمين، أنت رب
المستضعفين، وأنت ربى، إلى من تكلنى؟ إلى بعيد يتجهمنى، أم
إلى عدو ملكته أمرى؟ إن لم يكن بك على غضب فلا أبالى، ولكن
عافيتك هى أوسع لى، أعوذ بنور وجهك الذى أشرقت له الظلمات،
وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، من أن تنزل بى غضبك، أو يحل على
سخطك، لك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك».
وبعد أن قال الرسول هذا الكلام المؤثر جاءه «جبريل» ومعه ملك
الجبال عليهما السلام، فقال له ملك الجبال: «إن شئتَ أن أُطبق عليهم
الأخشبين» (٢)، فقال النبى - صلى الله عليه وسلم -: «بل أرجو أن
يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله لا يشرك به شيئًا، ودعا لهم قائلا:
«اللهم اهد قومى فإنهم لا يعلمون».
الإسراء والمعراج:
فى هذا الجو الذى بدا قاتمًا وحزينًا بعد موت «أبى طالب» و «خديجة
بنت خويلد»، وما لقيه النبى من أهل «الطائف» والقبائل من عنت
وإيذاء، أراد الله تعالى أن يسرِّى عنه - صلى الله عليه وسلم - وأن