تشترك جميع القبائل فى قتله، بأن تختار كل منها فتى شابا قويا
من بين أبنائها، وتعطيه سيفًا بتارًا، وأن يرابط هؤلاء جميعًا أمام
بيت النبى - صلى الله عليه وسلم - ليلا، حتى إذا خرج عليهم فى
الصباح ضربوه ضربة رجل واحد، فيتفرَّق دمه فى القبائل، ولا يقوى
«بنو هاشم» على محاربة أهل مكة جميعًا.
علىٌّ فى فراش النبى - صلى الله عليه وسلم -:
علم رسول الله بما بيتته له «قريش»، فأعد العدة للهجرة، وأسر بذلك
إلى صاحبه «أبى بكر الصديق» الذى كان ينتظر هذا بلهفة وشوق،
فأعد لذلك الأمر عدته من قبل، للقيام بأعظم رحلة فى تاريخ البشرية.
دعا النبى - صلى الله عليه وسلم - «على بن أبى طالب»، لينام فى
فراشه فى تلك الليلة، ليضلل «قريشًا» من جهة، ومن جهة أخرى
لكى يتخلف فى «مكة»، ليؤدى للناس ودائعهم التى كانت عند
الرسول، وخرج النبى - صلى الله عليه وسلم - فى عماية الصبح،
والمتآمرون واقفون على بابه، ينتظرون لحظة خروجه، للانقضاض
عليه، لكن الله أعمى أبصارهم، وأخذ النبى - صلى الله عليه وسلم -
حفنة من الحصى وقذفها فى وجوههم، وقال: شاهت الوجوه»، ثم
تلا قوله تعالى: {وجعلنا من بين أيديهم سدًا ومن خلفهم سدًا
فأغشيناهم فهم لا يبصرون}. يس: ٩.
قصد النبى - صلى الله عليه وسلم - بيت «أبى بكر» الذى كان فى
انتظاره ومعه الرواحل، والزاد، وكل ما يلزم الرحلة المباركة، وكان
دليلهم فى رحلتهم «عبد الله بن أريقط».
النبى فى غار ثور:
انطلقت الرحلة المباركة قاصدة غار «ثور» فى جنوب «مكة»، مع أن
وجهتهم كانت «يثرب» فى الشمال؛ لأن النبى - صلى الله عليه وسلم -
يعرف أن «قريشًا» عندما تكتشف أنه نجا من كيدهم ستتجه فى
بحثها عنه إلى الشمال، عندئذٍ يكون هو قد وصل إلى الغار واختبأ
فيه.
والحق أن خطة الهجرة كانت دقيقة وسرية إلى أقصى حد، ووضِعَ
لها كل مافى وسع البشر أن يفعلوه لضمان نجاحها، فإذا لم يفلح
هذا كله، فستأتى عناية الله فى اللحظة المناسبة لإنقاذ الموقف،