الحق، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة،
فامضِ بنا يا رسول الله لما أردت، فنحن معك، فوالذى بعثك بالحق،
لو استعرضت بنا البحر فخضته لخضناه معك، ما تخلف منا رجل واحد،
وما نكره أن تلقى بنا عدونا غدًا، إنا لصبر فى الحرب، صدق عند
اللقاء، لعل الله يريك منا ما تقر به عينك فسر على بركة الله».
اطمأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لموقف أصحابه وسلامة
جبهتهم، وقوة ترابطهم، وبدأ يُعدُّ للمعركة الأولى فى تاريخ
الإسلام، وأعدَّ له المسلمون عريشًا (مقر قيادة) يدير منه المعركة.
وعرف الرسول - صلى الله عليه وسلم - عدد أعدائه وقوتهم من عيونه
ومخابراته العسكرية فكانوا نحو ألف رجل مدججين بالسلاح، فيهم
عدد كبير من الفرسان، فى حين كان عدد المسلمين نحو ثلاثمائة
وثلاثة عشر رجلا، فيهم فارسان فقط.
وبدأت المعركة صبيحة اليوم السابع عشر من شهر رمضان سنة (٢هـ)
بالمبارزة، حيث خرج ثلاثة من صفوة المشركين، هم «عتبة بن
ربيعة»، و «شيبة بن ربيعة»، و «الوليد بن عتبة»، يطلبون المبارزة،
فأمر النبى - صلى الله عليه وسلم - عمه «حمزة»، وابنى عمه «على
بن أبى طالب»، و «عبيدة بن الحارث» بالخروج إليهم، وهذا تصرف له
مغزاه من القائد الأعلى «محمد» رسول الله - صلى الله عليه وسلم -،
حيث بدأ المعركة بأقرب الناس إليه، فضرب المثل فى التضحية
والفداء لدين الله، واستطاع الثلاثة المسلمون القضاء على الثلاثة
المشركين من أعدائهم، وتركوهم صرعى فى ميدان المعركة، ثم
احتدمت الحرب، وتلاحم الناس، وحمى الوطيس، والرسول فى عريشه
يدعو الله سبحانه وتعالى ويستنزل نصره الذى وعده به، فيقول:
«اللهم نصرك الذى وعدتنى، اللهم إن تهلك هذه العصابة من المسلمين
فلن تُعبَد على وجه الأرض، يامولاى»، واستجاب الله لدعاء نبيه،
وانجلت المعركة عن نصر ساحق للمسلمين، وهزيمة ماحقة للمشركين
الذين قُتِلَ منهم سبعون، وأُسِرَ مثلهم، وفر الباقون، وامتلأت أيدى