للخروج لاستنقاذ أموالها التى توشك أن تقع فى أيدى المسلمين
فخرجت فى نحو ألف رجل للقتال، وأصروا على ذلك حتى بعد أن
علموا بنجاة قافلة «أبى سفيان»، وقد حاول بعض زعماء «مكة»
مثل «عتبة بن ربيعة» أن يقنعوهم بالرجوع وعدم المضى قدمًا فى
الحرب، وبخاصة أن المسلمين الذين سيقاتلونهم هم أهلوهم ففيهم
الآباء والأبناء والأعمام والأخوال والإخوة، لكن تلك الدعوة فشلت
أمام إصرار أئمة الكفر - وعلى رأسهم «أبو جهل» - على إشعال نار
الحرب، حيث أراد هو وأمثاله أن يجعل من خروجهم مظاهرة
عسكرية؛ فأقسم على الذهاب إلى «بدر»، ونحر الجزور، وشرب
الخمور، والاستمتاع بالرقص والغناء؛ لتسمع بهم العرب، فيهابوهم
أبد الدهر.
المواجهة العسكرية:
عندما علم المسلمون بإفلات القافلة، رأى بعضهم العودة إلى
«المدينة»، لأن كثيرًا ممن خرجوا لم يكن فى حسبانهم أنهم خرجوا
لقتال وأن حربًا ستقع، وإنماخرجوا للاستيلاء على القافلة، فكرهوا
القتال.
لكن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان يعلم أن الرجوع إلى
«المدينة» ستفسره «قريش» على أنه جبن وضعف عن لقائها
ومواجهتها، وسوف تذيع ذلك فى أوسع نطاق ممكن من شبه
الجزيرة العربية، وفى هذا ضرر بالغ بالدولة الإسلامية ودعوتها،
فتصرف الرسول - صلى الله عليه وسلم - بحكمة بالغة وبعد نظر،
واستشار كبار أصحابه فيما يصنعون، فتحدث «أبو بكر الصديق»
و «عمر بن الخطاب» وغيرهما فأحسنوا الكلام، وأبدوا استعدادًا
للتضحية والجهاد فى سبيل الله.
سمع الرسول - صلى الله عليه وسلم - كلامهم فسعد به وسُرَّ، لكنه لا
يزال فى حاجة إلى معرفة رأى الأنصار فى وضوح وجلاء، لأن
بيعتهم معه كانت تنص على الدفاع عنه داخل «المدينة» لا خارجها،
فلما كرَّر قوله: «أشيروا علىَّ أيها الناس»، قال له: «سعد بن معاذ»
وغيره من زعماء الأنصار: «لعلك تقصدنا يارسول الله»، قال: «نعم».
قالوا: «يا رسول الله، آمنا بك وصدقناك، وشهدنا أن ما جئت به هو