فأبصر به الناس، قال: فمسحه، فردّ الله بصره. قال: فأيّ المال أحبّ إليك؟ قال: الغنم. فأعطي شاة والداً، فأُنتج هذان، ووَلّدَ هذا.
قال: فكان لهذا واد من الإبل، ولهذا واد من البقر، ولهذا واد من الغنم.
ثم إنه أتى الأبرص في صورته وهيئته، فقال: رجل مسكين قد انقطعت بي الحبال في سفري، فلا بلوغ لي اليوم إلا بالله، ثم بك، أسألك - بالذي أعطاك اللون الحسن، والجلد الحسن، والمال - بعيراً أتبلغ به في سفري، فقال: الحقوق كثيرة، فقال له: كأني أعرفك، ألم تكن أبرص يقذرك الناس، فقيراً فأعطاك الله؟ فقال: إنما ورثت هذا المال كابراً عن كابر. فقال: إن كنت كاذباً، فصيرك الله إلى ما كنت.
قال: وأتى الأقرع في صورته وهيئته، فقال له مثل ما قال لهذا، وردّ عليه مثل ما ردّ هذا، فقال: إن كنت كاذباً، فصيرك الله إلى ما كنت.
قال: وأتى الأعمى في صورته وهيئته، فقال: رجل مسكين وابن سبيل. انقطعت بي الحبال في سفري، فلا بلاغ لي اليوم إلا بالله، ثم بك، أسألك - بالذي ردّ عليك بصرك - شاة أتبلغ بها في سفري، فقال: قد كنت أعمى فردّ الله إليّ بصري، فخذ ما شئت، ودع ما شئت، فوالله لا أجهدك اليوم شيئاً أخذته لله، فقال: أمسك مالك، فإنّما ابتليتم، فقد رضي الله عنك، وسخط على صاحبيك) (١) .
المطلب السابع
نزع أرواح العباد عندما تنتهي آجالهم
اختص الله بعض ملائكته بنزع أرواح العباد عندما تنتهي آجالهم التي قدرها الله لهم، قال تعالى: (قل يَتَوَفَّاكُم ملك الموت الَّذي وكل بكم ثُمَّ إلى ربكم ترجعون) السجدة: ١١ .
والذين يقبضون الأرواح أكثر من ملك: (وهو الْقَاهِرُ فوق عباده ويرسل عليكم حفظةً حتَّى إذا جاء أحدكم الموت تَوَفَّتْهُ رسلنا وهم لا يفرطون - ثم
(١) رواه البخاري: ٦/٥٠٠. ورقمه: ٣٤٦٤. ورواه مسلم: ٤/٢٢٧٥. ورقمه: ٢٩٦٤. واللفظ لمسلم.