قال: أنا. قال: (لقد رأيت بضعة وثلاثين ملكاً يبتدرونها أيهم يكتبها أول) (١) . فهؤلاء الكتبة من الملائكة غير الملكين اللذين يسجلان صالح أعماله وطالحها بالتأكيد؛ لكونهم بضعة وثلاثين ملكاً.
٨- تعاقب الملائكة فينا:
وهؤلاء الملائكة الذين يطوفون في الطرق يلتمسون الذكر، ويشهدون الجمع والجماعات يتعاقبون فينا، فطائفة تأتي، وطائفة تذهب، وهم يجتمعون في صلاة الصبح، وصلاة العصر، ففي صحيحي البخاري ومسلم عن أبي هريرة، رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن لله ملائكة يتعاقبون فيكم، ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر، ثم يعرج الذين باتوا فيكم، فيسألهم ربهم، وهو أعلم بهم: كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: تركناهم وهم يصلون، وأتيناهم وهم يصلون) (٢) .
ولعل هؤلاء هم الذين يرفعون أعمال العباد إلى ربهم، ففي صحيح مسلم عن أبي موسى الأشعري، رضي الله عنه، قال: (قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمس كلمات، فقال: (إنّ الله عزّ وجلّ لا ينام، ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، يُرفع إليه عمل الليل قبل النهار، وعمل النهار قبل الليل ... ) (٣) الحديث.
وقد عظّم الله شأن صلاة الفجر؛ لأن الملائكة تشهدها، قال: (وقرآن الفجر إنَّ قرآن الفجر كان مشهوداً) .
٩- تنزلّهم عندما يقرأ المؤمن القرآن:
ومنهم من يتنزّل من السماء حين يقرأ القرآن؛ ففي صحيح مسلم عن البراء بن عازب قال: (قرأ رجل سورة الكهف، وفي الدار دابة، فجعلت تنفر، فإذا ضبابة أو سحابة قد غشيته، قال فذكر للنبي صلى الله عليه وسلم. فقال: (اقرأ فلان، فإنها السكينة تنزلت عند القرآن، أو تنزلت للقرآن) (٤) .
وعن أبي سعيد الخدري، رضي الله عنه: أن أسيد بن حضير بينما هو في ليلة يقرأ في مربده (٥) ، إذ جالت (٦) فرسه، فقرأ، ثم جالت أخرى، فقرأ، ثم جالت أيضاً. قال أسيد: فخشيت أن تطأ يحيى، فقمت إليها، فإذا مثل الظلة فوق رأسي،
(١) رواه البخاري: ٢/٢٨٤. ورقمه: ٧٩٩.
(٢) رواه البخاري: ٦/٣٠٦. ورقمه: ٣٢٢٣. ورواه مسلم: ١/٤٣٩. ورقمه: ٦٣٢.
(٣) صحيح مسلم: ١/١٦٢. ورقمه: ١٧٩. وفي رواية لمسلم: (أربع كلمات) .
(٤) صحيح مسلم: ١/٥٤٨. ورقمه: ٧٩٦.
(٥) المربد: الموضع الذي ييبس فيه التمر، كالبيدر.
(٦) جالت: وثبت.