أما حديث القلتين (١) فيجاب عنه بما يلي:
أولًا: أنه حديث ضعفه كثير من أهل العلم؛ وذلك لاضطرابه.
ثانيًا: على اعتبار صحته فإن لحديث القلتين مفهومًا ومنطوقًا؛ فمنطوقه: إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث، ومفهومه: أن ما دون القلتين ينجس، وهذا ليس على عمومه؛ لأنه يستثنى من ذلك: إذا كان الماء كثيرًا فتغيرت أوصافه بالنجاسة فإنه ينجس.
ومن هنا يمكن الجمع بين الحديثين بأن يقال: ينجس إذا تغير ولا ينجس إذا لم يتغير؛ لأن منطوق حديث: "الماء طهور لا ينجسه شيء" مقدم على مفهوم حديث القلتين.
بيان حد القليل والكثير في المياه
اختلف أهل العلم في ذلك على أقوال:
الأول: ذهب الحنفية (٢) إلى أن الماء القليل هو الذي إذا حُرِّك طرفه تحرك الطرف الآخر، سواء كان التحريك بالاغتسال أو باليد من غير اغتسال، ولا وضوء، وما لم يتحرك بتحريك طرفه فهو الكثير، ويعبرون عنه بأنه لا يخلص بعضه إلى بعض.
(١) أخرجه أحمد (٢/ ١٠٧) رقم (٥٨٥٥)، وأبو داود، في كتاب الطهارة، باب ما ينجس الماء، برقم (٦٣)، والترمذيُّ في أبواب الطهارة، باب أن الماء لا ينجسه شيء برقم (٦٧) من حديث ابن عمر قال: سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الماء وما ينوبه من الدواب والسباع فقال - صلى الله عليه وسلم -: "إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث"، وصححه الألباني.
(٢) بدائع الصنائع (١/ ٧١ - ٧٢).