يجرجر في جوفه نار جهنم" (١).
• وجه الدلالة: النهي في الحديثين صريح، حيث قال: "لا تشربوا"، "ولا تأكلوا".
• الخلاف في المسألة: تلخص لنا من البحث السابق، مخالفة ثلاثة من العلماء، هم:
الأول: معاوية بن قرة، ولم يفصل قوله من نقله، غير أني وجدته في "المصنف"، أباح الشرب بإناء الفضة (٢).
الثاني: داود الظاهري، وقد نص من نقل خلافه، أنه يحرم الشرب فقط، ويبيح الأكل وغيره، وليس له في ذلك مستند، غير أن الشوكاني تعذر له، بأنه ربما لم يبلغه الحديث (٣)، ولم يتابعه على هذا ابن حزم، بل لم يشر لهذا القول إطلاقا (٤).
الثالث: الشافعي في قول قديم، نسبه إليه العراقيون من أصحابه، ونفاه المحققون من الشافعية، إلا أنه محكي عنه، أنه يقول بالكراهة التنزيهية فقط (٥).
النتيجة: لا بد من تفصيل المسألة، فأما الشرب في آنية الذهب؛ فلم يثبت فيه خلاف، إلا ما حكي عن الشافعي في القديم، بأنه كراهة تنزيه.
ومردود عليه بالوعيد الشديد في الأحاديث، وهو لا يكون إلا في المحرم تحريمًا شديدًا.
وعلى أية حال، فقد رجع عنه، ولا يعتبر قولًا له، ما دام قد رجع عنه، ولم يتابعه عليه أصحابه، ولم يفرعوا عليه، كما قال النووي (٦).
وأما الشرب في آنية الفضة؛ فأجازه معاوية بن قرة، وخلافه هنا مصادم للنص مباشرة، وأما خلاف الشافعي؛ فسبقت مناقشته.
وأما الأكل فيهما فخالف داود، وخلافه مصادم للنص، وذكر النووي أنه مخالف
(١) البخاري كتاب الأشربة باب آنية الفضة (ح ٥٣١١)، (٥/ ٢١٣٣)، مسلم كتاب اللباس والزينة باب تحريم استعمال أواني الذهب والفضة في الشرب وغيره على الرجال والنساء، (ح ٢٠٦٥)، (٣/ ١٦٣٤).
(٢) "المصنف" لابن أبي شيبة (٥/ ٣١).
(٣) "نيل الأوطار" (١/ ٩٠).
(٤) "المحلى" (٦/ ٩٩، ١٠٠).
(٥) "المجموع" (١/ ٣٠٥، ٣٠٦).
(٦) "المجموع" (١/ ٣٠٥، ٣٠٦).