وقالوا: {وَانْطَلَقَ الْمَلأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ} ص:٦ " (١).
وللتوضيح فإن قولهم: العلم بمعناها نفيًا وإثباتًا يتضمن شطرها الأول نفي العبادة عما سوى الله عزَّ وجلَّ، كما يتضمن شطرها الثاني إثباتها له سبحانه وتعالى فكما أن الحق جل وعز لا شريك له في ملكه وخلقه وتدبيره فإنه لا شريك له في عبادته. فلا بد من العلم بمعناها؛ لأن التلفظ بها دون معرفة معناها ومقتضاها لا ينفع صاحبها كالذي يتكلم بلغة لا يفهمها، ودل على هذا الكتاب والسنة قال تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ}
محمد:١٩.
وقوله: {وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} الزخرف: ٨٦.
قال البغوي: "أراد بشهادة الحق قول: لا إله إلا الله كلمة التوحيد {وَهُمْ يَعْلَمُونَ} بقلوبهم ما شهدوا به بألسنتهم" (٢).
وفي الصحيح عن عثمان - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ مَاتَ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ" (٣).
قال شيخ الإسلام ابنُ تَيمِيَّةَ رحمه الله تعالى: "من اعتقد أنه بمجرد تلفظه بالشهادة يدخل الجنة ولا يدخل النار فهو ضال مخالف للكتاب والسنة والإجماع" (٤).
وقال الشيخ سليمان بن عبد الله: "أما النطق بها من غير معرفة لمعناها ولا عمل
(١) كتاب الشهادتان لابن جبرين ص ٧٩.
(٢) تفسير البغوي معالم التنزيل ٧/ ٢٢٤.
(٣) أخرجه مسلم (٢٦).
(٤) نقلًا عن التنبيهات السنية ص ٨.