وَإِن حَصَلَ بِهِ أَمْرٌ مُبَاحٌ كَانَ مِن نِعَمِ اللهِ الدُّنْيَوِيَّةِ الَّتِي تَقْتَضِي شُكْرًا.
وَإِن كَانَ عَلَى وَجْهٍ يَتَضَمَّنُ مَا هُوَ مَنْهِي عَنْهُ نَهْيَ تَحْرِيمٍ أَو نَهْيَ تَنْزِيهٍ كَانَ سَبَبًا لِلْعَذَابِ أَو الْبُغْضِ كَقِصَّةِ الَّذِي أُوتِيَ الْآيَاتِ فَانْسَلَخَ مِنْهَا: بلعام بْنُ باعوراء. ١١/ ٣١٩
١٢٥٧ - مَن كُوشِفَ بِصِدْقِ الْيَقِينِ أُغْنِيَ بِذَلِكَ عَن رُؤيَةِ خَرْقِ الْعَادَاتِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْهَا كَانَ حُصُولُ الْيَقِينِ وَقَد حَصَلَ الْيَقِينُ، فَلَو كُوشِفَ هَذَا الْمَرْزُوقُ صِدْقَ الْيَقِينِ بِشَيءٍ مِن ذَلِكَ لَازْدَادَ يَقِينًا، فَلَا تَقْتَضِي الْحِكْمَةُ كَشْفَ الْقُدْرَةِ بِخَوَارِقِ الْعَادَاتِ لِهَذَا الْمَوْضِعِ؛ اسْتِغْنَاءً بِهِ، وَتَقْتَضِي الْحِكْمَةُ كَشْفَ ذَلِكَ الْآخَرِ لِمَوْضِعِ حَاجَتِهِ، وَكَانَ هَذَا الثَّانِي يَكُونُ أَتَمَّ اسْتِعْدَادًا وَأَهْلِيَّةً مِن الْأَوَّلِ.
فَسَبِيلُ الصَّادِقِ مُطَالَبَةُ النَّفْسِ بِالِاسْتِقَامَةِ فَهِيَ كُلُّ الْكَرَامَةِ.
ثُمَّ إذَا وَقَعَ فِي طَرِيقِهِ شَيءٌ خَارِقٌ كَانَ كَاَنْ لَمْ يَقَعْ فَمَا يُبَالِي، وَلَا يَنْقُصُ بِذَلِكَ، وَإِنَّمَا يَنْقُصُ بِالْإِخْلَالِ بِوَاجِبِ حَقِّ الِاْسْتِقَامَةِ. ١١/ ٣٢١
١٢٥٨ - اعْلَمْ أَنَّ عَدَمَ الْخَوَارِقِ عِلْمًا وَقُدْرَةً لَا تَضُرُّ الْمُسْلِمَ فِي دِينِهِ، فَمَن لَمْ يَنْكَشِفْ لَهُ شَيءٌ مِن الْمُغَيَّبَاتِ وَلَمْ يُسَخَّرْ لَهُ شَيْءٌ مِن الْكَوْنِيَّاتِ لَا يَنْقُصُهُ ذَلِكَ فِي مَرْتبَتِهِ عِنْدَ اللهِ، بَل قَد يَكُونُ عَدَمُ ذَلِكَ أَنْفَعَ لَهُ فِي دِينِهِ. ١١/ ٣٢٣
١٢٥٩ - إنَّ لِلدِّينِ عِلْمًا وَعَمَلًا إذَا صَحَّ فَلَا بُدَّ أَنْ يُوجِبَ خَرْقَ الْعَادَةِ إذَا احْتَاجَ إلَى ذَلِكَ صَاحِبُهُ. قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (٢) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} الطلاق: ٢، ٣.
١٢٦٠ - مَا يُلْقِيهِ اللهُ فِي قُلُوبِ الْمُؤمِنِينَ مِن الْإِلْهَامَاتِ الصَّادِقَةِ الْعَادِلَةِ هِيَ مِن وَحْيِ اللّهِ، وَكَذَلِكَ مَا يُرِيهِمْ إيَّاة فِي الْمَنَامِ، قَالَ عبادة بْنُ الصَّامِتِ: رُؤْيَا الْمُومِنِ كَلَامٌ يُكَلّمُ بِهِ الرَّبُّ عَبْدَهُ فِي مَنَامِهِ. ١٥/ ٩٨
* * *