اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ (١٩)} الحاقة: ١٩، {آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا (٩٦)} الكهف: ٩٦، و {عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ (١٧)} ق: ١٧ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
وَسِيبَوَيْهِ وَأَصْحَابُهِ يَجْعَلُونَ لِكلِّ عَامِلٍ مَعْمُولًا، وَيَقُولُونَ: حُذِفَ مَعْمُولُ أَحَدِهِمَا لِدَلَالَةِ الْآخَرِ عَلَيْهِ.
وَقَوْلُ الْكوفِيّينَ أَرْجَحُ. ١٤/ ١٧٥
١٢٧٤ - الصَّلَاة بِالْمَعْنَى الْعَامِّ تتضَمَّنُ كُلَّ مَا كَانَ ذِكْرًا للّهِ أَو دُعَاءً لَهُ، كَمَا قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ: مَا دُمْت تَذْكُرُ اللّهَ فَأَنْتَ فِي صَلَاةٍ وَلَو كُنْت فِي السُّوقِ.
وَهَذَا الْمَعْنَى -وَهُوَ دُعَاءُ اللهِ؛ أَيْ: قَصْدُهُ وَالتَّوَجُّهُ إلَيْهِ الْمُتَضَمِّنُ ذِكْرَهُ عَلَى وَجْهِ الْخُشُوعِ وَالْخُضُوعِ- هُوَ حَقِيقَةُ الصَّلَاةِ الْمَوْجُودَةِ فِي جَمِيعِ مَوَارِدِ اسْمِ الصَّلَاةِ؛ كَصَلَاةِ الْقَائِمِ وَالْقَاعِدِ وَالْمُضْطَجِعِ، وَالْقَارِئِ وَالْأُمّيِّ وَالنَّاطِقِ وَالْأَخْرَسِ، وَإِن تَنَوَّعَتْ حَرَكَاتُهَا وَأَلْفَاظُهَا؛ فَإِنَّ إطْلَاقَ لَفْظِ الصَّلَاةِ عَلَى مَوَارِدِهَا هُوَ بِالتَّوَاطُؤِ الْمُنَافِي لِلِاشْتِرَاكِ وَالْمَجَازِ.
إذ مِن النَّاسِ مَن ادَّعَى فِيهَا الِاشْتِرَاكَ وَمِنْهُم مَن ادَّعَى الْمَجَازَ بِنَاءً عَلَى كَوْنِهَا مَنْقُولَةً مِن الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ، أَو مَزِيدَةً أَو عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ، وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ، بَل اسْمُ الْجِنْسِ الْعَامِّ الْمُتَوَاطِئِ الْمُطْلَقِ إذَا دَلَّ عَلَى نَوْعٍ أَو عَيْنٍ كَقَوْلِك: هَذَا الْإِنْسَانُ وَهَذَا الْحَيَوَانُ أَو قَوْلِك: هَاتِ الْحَيَوَانَ الَّذِي عِنْدَك وَهِيَ غَنَمٌ، فَهُنَا اللَّفْظُ قَد دَلَّ عَلَى شَيْئَيْنِ:
أ- عَلَى الْمَعْنَى الْمُشْتَرَكِ الْمَوْجُودِ فِي جَمِيعِ الْمَوَارِدِ.
ب- وَعَلَى مَا يَخْتَصُّ بِهِ هَذَا النَوْعُ أَو الْعَيْنُ.
فَاللَّفْظُ الْمُشْتَرَكُ الْمَوْجُودُ فِي جَمِيعِ التَّصَارِيفِ عَلَى الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ وَمَا قُرِنَ بِاللَّفْظِ مِن لَام التَّعْرِيفِ مَثَلًا، أَو غَيْرِهَا دَلَّ عَلَى الْخُصُوصِ وَالتَّعْيِينِ، وَكَمَا أَنَّ الْمَعْنَى الْكُلِّيَّ الْمُطْلَقَ لَا وُجُودَ لَهُ فِي الْخَارِجِ، فَكَذَلِكَ لَا يُوجَدُ فِي الِاسْتِعْمَالِ لَفْظٌ مُطْلَقٌ مُجَرَّدٌ عَن جَمِيعِ الْأُمُورِ الْمُعَيَّنَةِ.