فَقَد تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ وَلَا فِي السُّنَّةِ لَفْظُ نُزُولٍ إلَّا وَفيهِ مَعْنَى النُّزُولِ الْمَعْرُوفِ، وَهَذَا هُوَ اللَّائِقُ بِالْقُرْآنِ، فَإِنَّهُ نَزَلَ بِلُغَةِ الْعَرَبِ، وَلَا تَعْرِفُ الْعَرَبُ نُزُولًا إلَّا بِهذَا الْمَعْنَى، وَلَو أُرِيدُ غَيْرُ هَذَا الْمَعْنَى لَكَانَ خِطَابًا بِغَيْرِ لُغَتِهَا، ثُمَّ هُوَ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ الْمَعْرُوفِ لَهُ مَعْنًى فِي مَعْنًى آخَرَ بِلَا بَيَانٍ، وَهَذَا لَا يَجُوزُ بِمَا ذَكَرْنَا، وَبِهَذَا يَحْصُلُ مَقْصُودُ الْقُرْآنِ وَاللُّغَةِ الَّذِي أَخْبَرَ اللهُ تَعَالَى أَنَّهُ بَيّنهُ وَجَعَلَة هُدًى لِلنَّاسِ. ١٢/ ٢٤٧ - ٢٥٧
* * *
١٣٣٣ - الْقُرْآنُ الَّذِي يَقْرَؤُهُ الْمُسْلِمُونَ كَلَامُ الْبَارِي، وَالصَّوْتُ الَّذِي يَقْرَأُ بِهِ الْعَبْدُ صَوْتُ الْقَارِئِ. ١٢/ ٣٠٣
* * *
(إذا كَانَ الْمَجْرور بِـ (مِن) عَيْنًا يَقومُ بنَفْسِهِ لَمْ يَكُن صِفَةً لله، وإذَا كَانَ صِفَةً وَلَمْ يذْكَر لَهَا مَحلّ كَانَ صِفَةً للِّه)
١٣٣٤ - قَوْلهُ تعالى: {وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي} السجدة: ١٣ أَخْبَرَ أَنَّ الْقَوْلَ مِنْهُ لَا مِن غيْرِهِ مِن الْمَخْلُوقَاتِ.
وَمِن هِيَ لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ، فَإنْ كَانَ الْمَجْرُورُ بِهَا عَيْنًا يَقُومُ بِنَفْسِهِ لَمْ يَكُن صِفَةً للّهِ كَقَوْلِهِ: {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ} الجاثية: ١٣، وَقَوْلِهِ فِي الْمَسِيح: {وَرُوحٌ مِنْهُ} النساء: ١٧١ وَكَذَلِكَ مَا يَقُومُ بِالْأَعْيَانِ؛ كَقَوْلِهِ: {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ} النحل: ٥٣.
وَأَمَّا إذَا كَانَ الْمَجْرُورُ بِهَا صِفَةً وَلَمْ يُذْكَرْ لَهَا مَحَلّ كَانَ صِفَةً للّهِ؛ كَقَوْلِهِ: {وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي} السجدة: ١٣.
وإن احْتَجَّ مُحْتَجُّ بِقَوْلِهِ: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (١٩) ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ (٢٠)} التكوير: ١٩، ٢٠ قِيلَ لَهُ: فَقَد قَالَ فِي الآيَةِ الْأُخْرَى: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (٤٠) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ (٤١)} الحاقة: ٤٠، ٤١.