هَذِهِ الْكَلِمَةَ تَقْلِيدًا لِلْآبَاءِ وَالشُّيُوخِ (١).
فَاَلَّذِي تُنَالُ بهِ الشفَاعَةُ: هِيَ الشَّهَادَةُ بِالْحَقِّ، وَهِيَ شَهَادَةُ أنْ لَا إلَهَ إلا اللهُ، لَا تُنَالُ بِتَولِّي غَيْرِ اللهِ، لَا الْمَلَائِكَةِ وَلَا الْأَنْبِيَاءِ وَلَا الصَّالِحِينَ.
فَمَن وَالَى أَحَدًا مِن هَؤُلَاءِ وَدَعَاهُ وَحَجَّ إلَى قَبْرِهِ أَو مَوْضِعِهِ، وَنَذَرَ لَهُ وَحَلَفَ بِهِ، وَقَرَّبَ لَهُ الْقَرَابِينَ لِيَشْفَعَ لَهُ: لَمْ يُغْنِ ذَلِكَ عَنْهُ مِن اللهِ شَيْئًا، وَكَانَ مِن أَبْعَدِ النَّاسِ عَن شَفَاعَتِهِ وَشَفَاعَةِ غَيْرِهِ، فَإنَّ الشَّفَاعَةَ إنَّمَا تَكُونُ: لِأَهْلِ تَوحِيدِ اللهِ وإِخْلَاصِ الْقَلْبِ وَالدِّينِ له. ١٤/ ٤٠٢ - ٤١٢، ٢٧/ ٢٨٠ - ٢٨١
١٥٦٨ - قَالَ تَعَالَى: {وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا} الزخرف: ١٥، قَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ: {جُزْءًا} الزخرف: ١٥؛ أيْ: نَصِيبًا، وَبَعْضًا، وَقَالَ بَعْضُهُم: جَعَفوا للهِ نَصِيبًا مِنَ الْوَلَدِ، وَعَن قتادة وَمُقَاتِلٍ: عِدْلًا.
وَكِلَا الْقَوْلَيْنِ صَحِيحٌ؛ فَإنَّهُم يَجْعَلُونَ لَهُ وَلَدًا وَالْوَلَدُ يُشْبِهُ أَبَاهُ. ١٧/ ٢٧١
* * *
سورة الأحقاف
١٥٦٩ - قَوْلُهُ: {كَفَى بِهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ} الأحقاف: ٨ لَمْ يَقُلْ: شَاهِدٌ عَلَيْنَا، وَلَا شَاهِدٌ لِي؛ لِأَنَّهُ ضَمَّنَ الشَّهَادَةَ الْحُكمَ، فَهُوَ شَهِيدٌ يَحْكُمُ بِشَهَادَتِهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ، وَالْحُكْمُ قَدْرٌ زَائِدٌ عَلَى مُجَرَّدِ الشَّهادَةِ؛ فَإِنَّ الشَّاهِدَ قَد يُؤَدِّي الشَّهَادَةَ. وَأَمَّا الْحَاكِمُ فَإنَّهُ يَحْكُمُ بِالْحَقِّ لِلْمُحِقَّ عَلَى الْمُبْطِلِ، وَيَأخُذُ حَقَّهُ مِنْهُ، وَيُعَامِلُ الْمُحِقَّ بِمَا يَسْتَحِقُّهُ وَالْمُبْطِلَ بِمَا يَسْتَحِقُّهُ. ١٤/ ١٩٤
* * *
(١) لأنّ شهادتهم ليست عن علم، وإنما تقليدًا لآبائهم وأجدادهم، ولو وجدوهم على غير هذا لاتبعوهم.
فهذا يدلّ على أهمية العلم، وأنه هو المنجي لصاحبه في الدنيا والآخرة.