وَقيلَ: أهْلٌ أَنْ يُجَلَّ فِي نَفْسِهِ، وَأَهْلٌ أَنْ يُكْرِمَ.
قُلْت: الْقَوْلُ الْأوَّلُ هُوَ أَقْرَبُهَا إلَى الْمُرَادِ، مَعَ أَنَّ الْجَلَالَ هُنَا لَيْسَ مَصْدَرَ جَلَّ جَلَالًا؛ بَل هُوَ اسْمُ مَصْدَرٍ أَجَلَّ إجْلَالًا. ١٦/ ٣١٧ - ٣١٩
* * *
سورة الحديد
١٥٧٧ - قَالَ تَعَالَى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ} الحديد: ٢٥ أَخْبَرَ أَنَّهُ أرْسَلَ الرُّسُلَ وَأَنْزَلَ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِأَجْلِ قِيَامِ النَّاسِ بِالْقِسْطِ، وَذَكَرَ أَنَّهُ أَنْزَلَ الْحَدِيدَ الَّذِي بِهِ يَنْصُرُ هَذَا الْحَقَّ، فَالْكِتَابُ يَهْدِي، وَالسَّيْفُ يَنْصُرُ، وَكَفَى بِرَبّك هَادِيًا وَنَصِيرًا. وَلهَذَا كَانَ قِوَامُ النَّاسِ بِأهْلِ الْكِتَابِ وَأَهْلِ الْحَدِيدِ. ١٨/ ١٥٨
* * *
سورة الحشر
١٥٧٨ - قَوْلُهُ: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ} الحشر: ١٩ يَقْتَضي أَنَّ نِسْيَانَ اللهِ كَانَ سَبَبًا لِنِسْيَانِهِمْ أَنْفسَهُم وإِنَّهُم لَمَّا نَسُوا اللهَ عَاقَبَهُم بِأَنْ أَنْسَاهُم أنْفُسَهُمْ.
وَنسْيَانُهُم أَنْفُسَهم يَتَضَمَّنُ إعْرَاضَهُم وَغَفْلَتَهُم وَعَدَمَ مَعْرِفَتِهِمْ بِمَا كَانوا عَارِفِينَ بِهِ قَبْلَ ذَلِكَ مِن حَالِ أَنْفُسِهِمْ، كَمَا أَنَّهُ يَقْتَضِي تَرْكَهُم لِمَصَالِحِ أَنْفُسِهِمْ.
فَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّهُم لَا يَذْكُرُونَ أَنْفُسَهُم ذِكْرًا يَنْفَعُهَا وَيُصْلِحُهَا، وَأَنَّهُم لَو ذَكَرُوا اللهَ لَذَكَرُوا أَنْفُسَهُمْ.
وَهَذَا عَكسُ مَا يُقَالُ: "مَن عَرَفَ نَفْسَهُ عَرَفَ رَبَّهُ"، وَبَعْضُ النَّاسِ يَرْوِي هَذَا عَن النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، وَلَيْسَ هَذَا مِن كَلَامِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، وَلَا هُوَ فِي شَيْءٍ مِن كُتُبِ