١٨٧٢ - أُصُولَ الْفِقْهِ: هِيَ أَدِلَّةُ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ عَلَى طَرِيقِ الْإِجْمَالِ؛ بِحَيْثُ يُمَيِّزُ بَيْنَ الدَّلِيلِ الشَرْعِيِّ وَبَيْنَ غَيْرِهِ، ويعْرِفُ مَرَاتِبَ الْأَدِلَّةِ، فَيُقَدِّمُ الرَّاجِحَ مِنْهَا، وَهَذَا هُوَ مَوْضُوعُ أُصُولِ الْفِقْهِ؛ فَإِنَّ مَوْضُوعَهُ: مَعْرِفَةُ الدَّلِيلِ الشَّرْعِيِّ وَمَرْتبَتِهِ. ٢٠/ ٤٠١
١٨٧٣ - عَن سَلَمَةَ بْنِ الْمُحَبَّقِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَضَى فِي رَجُلٍ وَقَعَ عَلَى جَارِيةِ امْرَأَتِهِ: "إنْ كانَ اسْتَكْرَهَهَا فَهِيَ حُرَّةٌ، وَعَلَيْهِ لِسَيِّدَتِهَا مِثْلُهَا، وَإِن كَانَت طَاوَعَتْهُ فَهِيَ لَهُ، وَعَلَيْهِ لِسَيِّدَتِهَا مِثْلُهَا" (١). حَدِيث حَسَنٌ.
هَذَا الْحَدِيثُ يَسْتَقِيمُ عَلَى الْقِيَاسِ مَعَ ثَلَاثَةِ أُصُولٍ هِيَ صَحِيحَة كُلٌّ مِنْهَا قَوْلُ طَائِفَة مِنَ الْفُقَهَاءِ:
أَحَدُهَا: أَنَّ مَن غَيَّرَ مَالَ غَيْرِهِ بِحَيْثُ يُفَوِّتُ مَقْصُودَهُ عَلَيْهِ فَلَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ إيَّاهُ بِمِثْلِهِ، وَهَذَا كَمَا إذَا تَصَرَّفَ فِي الْمَغْصُوبِ بِمَا أَزَالَ اسْمَهُ فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ:
أَحَدُهَا: أنَّهُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ صَاحِبِهِ وَعَلَى الْغَاصِبِ ضَمَانُ النَّقْصِ وَلَا شَيءَ لَهُ فِي الزِّيَادَةِ كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ.
وَالثَّانِي: يَمْلِكُهُ الْغَاصِبُ بِذَلِكَ وَيَضْمَنُهُ لِصَاحِبِهِ كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ.
وَالثَّالِثُ: يُخَيَّرُ الْمَالِكُ بَيْنَ أَخْذِهِ وَتَضْمِينِ النَّقْصِ وَبَيْنَ الْمُطَالَبَةِ بِالْبَدَلِ، وَهَذَا أَعْدَلُ الْأَقْوَالِ وَأَقْوَاهَا.
الْأَصْلُ الثَّانِي: أَنَّ جَمِيعَ الْمُتْلَفَاتِ تُضْمَنُ بِالْجِنْسِ بِحَسَب الْإِمْكَانِ مَعَ
مُرَاعَاةِ الْقِيمَةِ، حَتَّى الْحَيَوَانِ، كَمَا أَنَّهُ فِي الْقَرْضِ يَجِبُ فِيهِ رَدَّ الْمِثْلِ، وَإِذَا اقْتَرَضَ حَيَوَانًا رَدَّ مِثْلَهُ كَمَا اقْتَرَضَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - بِكْرًا وَرَدَّ خَيْرًا مِنْهُ.
(١) رواه أبو داود (٤٤٦٠)، والنسائي (٣٣٦٣)، وقال الألباني في ضعيف أبي داود (٤٤٦٠): ضعيف.