الْمَعَاشِ وَالْمَعَادِ، وَمَا فِيهَا مِنَ الْحِكْمَةِ الْبَالِغَةِ وَالرَّحْمَةِ السَّابِغَةِ، وَالْعَدْلِ التَّامِّ. ٢٠/ ٥٦١ - ٥٨٣
٢٠٣٥ - تَأَمَّلْت مَا شَاءَ اللهُ مِنَ الْمَسَائِلِ الَّتِي يَتَبَايَنُ فِيهَا النِّزَاعُ نَفْيًا وإِثْبَاتًا حَتَّى تَصِيرَ مُشَابِهَةً لِمَسَائِلِ الْأَهْوَاءِ، وَمَا يَتَعَصَّبُ لَهُ الطَّوَائِفُ مِنَ الْأَقْوَالِ؛ كَمَسَائِلِ الطَّرَائِقِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْخِلَافِ بَيْنَ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَبَيْنَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَغَيْرِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ: فَوَجَدْت كَثِيرًا مِنْهَا يَعُودُ الصَّوَابُ فِيهِ إلَى الْوَسَطِ (١).
وَكَذَلِكَ هُوَ الْأصْلُ الْمُعْتَمَدُ فِي الْمَسَائِلِ الْخَبَرِيَّةِ الْعِلْمِيَّةِ الَّتِي تُسَمَّى مَسَائِلَ الْأُصُولِ، أَو أُصُولَ الدِّينِ، أَو أُصُولَ الْكَلَامِ، يَقَعُ فِيهَا اتِّبَاعُ الظَّنِّ وَمَا تَهْوَى الْأنْفُسُ. ٢١/ ١٤١ - ١٤٢
٢٠٣٦ - مَن لَمْ يَلْحَظِ الْمَعَانِيَ مِن خِطَابِ اللهِ وَرَسُولِهِ وَلَا يَفْهَمُ تَنْبِيهَ الْخِطَابِ وَفَحْوَاهُ مِن أَهْلِ الظَّاهِرِ؛ كَاَلَّذِينَ يَقُولُونَ: إنَّ قَوْلَهُ: {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} الإسراء: ٢٣ لَا يُفِيدُ النَّهْيَ عَنِ الضَّرْبِ، وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَن دَاوُد، وَاخْتَارَهُ ابْنُ حَزْمٍ، وَهَذَا فِي غَايَةِ الضَّعْفِ.
بَل وَكَذَلِكَ قِيَاسُ الْأَوْلَى وَإِن لَمْ يَدُلَّ عَلَيْهِ الْخِطَابُ، لَكِنْ عُرِفَ أَنَّهُ أَوْلَى بِالْحُكْمِ مِنَ الْمَنْطُوقِ بِهَذَا، فَإِنْكَارُهُ مِن بِاَع الظَّاهِرِيَّةِ الَّتِي لَمْ يَسْبِقْهُم بِهَا أَحَدٌ مِنَ السَّلَفِ، فَمَا زَالَ السَّلَفُ يَحْتَجُّونَ بِمِثْل هَذَا وَهَذَا. ٢١/ ٢٠٧
٢٠٣٧ - كُلُّ قَوْلٍ يَنْفَرِدُ بِهِ الْمُتَأَخِّرُ عَن الْمُتَقَدِّمِينَ، وَلَمْ يَسْبِقْهُ إلَيْهِ أَحَدٌ مِنْهُمْ: فَإِنَّهُ يَكُونُ خَطَأً؛ كَمَا قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: إيَّاكَ أَنْ تَتَكَلَّمَ فِي مَسْأَلَةٍ لَيْسَ لَك فِيهَا إمَامٌ. ٢١/ ٢٩١
٢٠٣٨ - إذَا اشْتَبَهَ الْأَمْرُ: هَل هَذَا الْقَوْلُ أَو الْفِعْلُ مِمَّا يُعَاقَبُ صَاحِبُهُ عَلَيْهِ أَو
(١) ومَنْ تأمل كلام شيخ الإسلام وترجيحاته رأى أنه يأخذ بالقول الوسط في الفقه والسلوك ونحو ذلك غالبًا.