وَينْهَى عَنْهُ وَيَسْتَحِبُّهُ، إلَّا رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، وَمَا زَالَ الْمُسْلِمُونَ يَسْتَفْتُونَ عُلَمَاءَ الْمُسْلِمِينَ فَيُقَلِّدُونَ تَارَةً هَذَا وَتَارَةً هَذَا.
فَإذَا كَانَ الْمُقَلِّدُ يُقَلِّدُ فِي مَسْألَةٍ يَرَاهَا أَصْلَحَ فِي دِينِهِ، أَو الْقَوْلُ بِهَا أَرْجَحُ، أَو نَحْوِ ذَلِكَ: جَازَ هَذَا بِاتِّفَاقِ جَمَاهِيرِ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ.
لَمْ يُحَرِّمْ ذَلِكَ لَا أَبُو حَنِيفَةَ وَلَا مَالِكٌ وَلَا الشَّافِعِيُّ وَلَا أَحْمَد. ٢٣/ ٣٨١
٢٠٨٦ - لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَحْتَجَّ بِقَوْلِ أَحَدٍ فِي مَسَائِلِ النِّزَاعِ، وَإِنَّمَا الْحُجَّةُ:
أ- النَّصُّ.
ب- وَالْإِجْمَاعُ.
ج- وَدَلِيل مُسْتَنْبَطٌ مِن ذَلِكَ تُقَرَّرُ مُقَدِّمَاتُهُ بِالْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ.
لَا بِأَقْوَالِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ؛ فَإِنَّ أَقْوَالَ الْعُلَمَاءِ يُحْتَجُّ لَهَا بِالْأدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ لَا يُحْتَجُّ بِهَا عَلَى الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ.
وَمَن تَرَبَّى عَلَى مَذْهَبٍ قَد تَعَوَّدَهُ وَاعْتَقَدَ مَا فِيهِ وَهُوَ لَا يُحْسِنُ الْأَدِلَّةَ الشَرْعِيَّةَ وَتَنَازُع الْعُلَمَاءِ: لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ مَا جَاءَ عَنِ الرَّسُولِ وَتَلَقَّتْهُ الْأمَّةُ بِالْقَبُولِ، بِحَيْثُ يَجِبُ الْإِيمَانُ بِهِ وَبَيْنَ مَا قَالَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ وَيتَعَسَّرُ أَو يَتَعَذَّرُ إقَامَةُ الْحُجَّةِ عَلَيْهِ، وَمَن كَانَ لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ هَذَا وَهَذَا: لَمْ يُحْسِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ فِي الْعِلْمِ بِكَلَامِ الْعُلَمَاءِ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنَ الْمُقَلِّدَةِ النَّاقِلِينَ لِأَقْوَالِ غَيْرِهِمْ مِثْل الْمُحَدِّثِ عَن غَيْرِهِ، وَالشَّاهِدُ عَلَى غَيْرِهِ لَا يَكُونُ حَاكِمًا، وَالنَّاقِلُ الْمُجَرَّدُ يَكُونُ حَاكِيًا لَا مُفْتِيًا. ٢٦/ ٢٠٢ - ٢٠٣
٢٠٨٧ - انْظُرْ فِي عُمُومِ كَلَامِ اللهِ عز وجل وَرَسُولِهِ لَفْظًا وَمَعْنًى حَتَّى تُعْطِيَهُ حَقَّهُ، وَأَحْسَنُ مَا تَسْتَدِلُّ بِهِ عَلَى مَعْنَاهُ: آثَارُ الصَّحَابَةِ الَّذِينَ كَانُوا أَعْلَمَ بِمَقَاصِدِهِ؛ فَإِنَّ ضَبْطَ ذَلِكَ يُوجِبُ تَوَافُقَ أصُولِ الشَّرِيعَةِ وَجَرْيِهَا عَلَى الْأُصُولِ الثَّابِتَةِ الْمَذْكورَةِ فِي قَوْله تَعَالَى: {يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ} الأعراف: ١٥٧. ٢٩/ ٨٦ - ٨٧