وَلَكِنْ هَل يَجُوزُ مَعَ قُدْرَتهِ عَلَى الِاسْتِدْلَالِ أَنَّهُ يُقَلِّدُ؟
هَذَا فِيهِ قَوْلَانِ: فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد وَغَيْرِهِمَا لَا يَجُوزُ. وَحُكِيَ عَن مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ جَوَازهُ. ١٩/ ٢٦١
٢٠٨٣ - الْعَادِلُ عَنْهَا أي: النصوص إلَى خِلَافِهَا يَدْخُلُ فِيهِ مَن قَلَّدَ أَحَدًا مِنَ الْأَوَّلينَ والآخرين فِيمَا يَعْلَمُ أَنَّهُ خِلَافُ قَوْلِ الرَّسُولِ، سَوَاءٌ كَانَ صَاحِبًا أَو تَابِعًا أَو أَحَدَ الْفُقَهَاءِ الْمَشْهُورِينَ الْأَرْبَعَةِ أَو غَيْرِهِمْ.
وَأَمَّا مَن ظَنَّ أَنَّ الَّذِينَ قَلَّدَهُم مُوَافِقُونَ لِلرَّسُولِ فِيما قَالُوهُ:
- فَإِنْ كَانَ قَد سَلَكَ فِي ذَلِكَ طَرِيقًا عِلْمِيًّا فَهُوَ مُجْتَهِدٌ لَهُ حُكْمُ أَمْثَالِهِ.
- وَإِن كَانَ مُتَكَلِّمًا بِلَا عِلْمٍ فَهُوَ مِن الْمَذْمُومِينَ (١). ١٩/ ٢٦٦
٢٠٨٤ - الْوَاجِبُ فِي الِاعْتِقَادِ أَنْ يَتَّبعَ أَحْسَنَ الْقَوْلَيْنِ، لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَعْتَقِدَ قَوْلًا وَهُوَ يَعْتَقِدُ أَنَّ الْقَوْلَ الْمُخَالِفَ لَهُ أَحْسَنُ مِنْهُ.
وَإِن جَازَ لَهُ فِعْلُ الْمَفْضُولِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَعْتَقِدَ أَنَ ذَلِكَ أَفْضَلُ، وَيكُونُ ذَاكَ أَحَبَّ إلَيْهِ مِن هَذَا. ١٩/ ٢٧٠
٢٠٨٥ - لَيْسَ عَلَى أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ أَنْ يُقَلِّدَ رَجُلًا بِعَيْنِهِ فِي كُلِّ مَا يَأْمُرُ بِهِ
(١) أي: من قلّد أحدًا في قول مُخالفٍ لنصٍّ شرعيّ فلا يخلو المقلد من حالين:
الأولى: إنْ كان طالب علم، واجتهد ورأى صواب قول هذا المفتي فلا حرج عليه؛ لأنه قد بذل ما في وسعه.
الثانية: إنْ كان عاميًّا، فهو آثمٌ لأنه لم يتحرّ الأعلم والأتقى، ولم يبذل الوسع في البحث والتحري، وهو لو مرض له ابنٌ بمرض خطير لبحث عن أفضل طبيب، وابنه ليس أغلى من دينه.
ويدخل في ذمّ هؤلاء: جميع عوام أهل البدع من الخوارج والروافض والصوفية ونحو هم.
ويدخل فيهم كذلك: عوام أهل السُّنَّة الذين خاضوا في أعراض الدعاة والمشايخ تقليدًا لبعض من ينتسب للعلم، الذين حملوا راية الحرب على المصلحين والناصحين والدعاة من أهل السُّنَّة.