فِي غَيْرِ مَوْضِع .. وَمِنْهُ قَوْلُ الْخَلِيلِ: {فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ} العنكبوت: ١٧ وَلَمْ يَقُلْ فَابْتَغوا الرِّزْقَ عِنْدَ اللهِ؛ لِأَنَّ تَقْدِيمَ الظَّرْفِ يُشْعِرُ بِالِاخْتِصَاصِ وَالْحَصْرِ؛ كَأَنَّهُ قَالَ لَا تَبْتَغُوا الرِّزْقَ إلَّا عِنْدَ اللهِ. ١٠/ ١٨٢ - ١٨٣
٢١٤١ - كُلَّمَا قَوِيَ طَمَعُ الْعَبْدِ فِي فَضْلِ اللهِ وَرَحْمَتِهِ وَرَجَائِهِ لِقَضَاءِ حَاجَتِهِ وَدَفْعِ ضَرُورَتهِ: قَوِيَتْ عُبُودِيَّتُهُ لَهُ وَحُرِّيَّتُهُ مِمَّا سِوَاهُ، فَكَمَا أَنَّ طَمَعَهُ فِي الْمَخْلُوقِ يُوجِبُ عُبُودِيَّتَهُ لَهُ: فَيَأْسُهُ مِنْهُ يُوجِبُ غِنَى قَلْبِهِ عَنْهُ. ١٠/ ١٨٤ - ١٨٥
٢١٤٢ - إِنَّ الْقَلْبَ إذَا ذَاقَ طَعْمَ عِبَادَةِ اللهِ وَالْإِخْلَاصِ لَهُ: لَمْ يَكُن عِنْدَهُ شَيْءٌ قَطُّ أَحْلَى مِن ذَلِكَ وَلَا أَلَذَّ وَلَا أَطْيَبَ. ١٠/ ١٨٨
٢١٤٣ - الْجِهَادُ: هُوَ بَذْلُ الْوُسْعِ وَهُوَ الْقُدْرَةُ فِي حُصُولِ مَحْبُوبِ الْحَقِّ وَدَفْعُ مَا يَكْرَهُهُ الْحَقُّ، فَإِذَا تَرَكَ الْعَبْدُ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ مِن الْجِهَادِ كَانَ دَلِيلًا عَلَى ضَعْفِ مَحَبَّةِ اللهِ وَرَسُولِهِ فِي قَلْبِهِ. ١٠/ ١٩٢ - ١٩٣
٢١٤٤ - الْقَلْبُ لَا يَصْلُحُ وَلَا يُفْلِحُ وَلَا يَلْتَذُّ وَلَا يُسَرُّ وَلَا يَطِيبُ وَلَا يَسْكُنُ وَلَا يَطْمَئِنُّ إلَّا بِعِبَادَةِ رَبِّهِ، وَحُبِّهِ وَالْإِنَابَةِ إلَيْهِ.
وَلَو حَصَلَ لَهُ كُلُّ مَا يَلْتَذُّ بِهِ مِن الْمَخْلُوقَاتِ لَمْ يَطْمَئِنَّ وَلَمْ يَسْكُنْ، إذ فِيهِ فَقْرٌ ذَاتِيٌّ إلَى رَبِّهِ، وَمِن حَيْثُ هُوَ مَعْبُودُهُ وَمَحْبُوبُهُ وَمَطْلُوبُهُ، وَبِذَلِكَ يَحْصُلُ لَهُ الْفَرَحُ وَالسُّرُورُ وَاللَّذَّةُ وَالنِّعْمَةُ وَالسُّكُونُ وَالطُّمَأْنِينَةُ.
وَهَذَا لَا يَحْصُلُ لَهُ إلَّا بِإِعَانَةِ اللهِ لَهُ، لَا يَقْدِرُ عَلَى تَحْصِيلِ ذَلِكَ لَهُ إلَّا اللهُ، فَهُوَ دَائِمًا مُفْتَقِرٌ إلَى حَقِيقَةِ {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (٥)} الفاتحة: ٥. ١٠/ ١٩٤
٢١٤٥ - كُلُّ مَن اسْتَكْبَرَ عَن عِبَادَةِ اللهِ لَا بُدَّ أَنْ يَعْبُدَ غَيْرَهُ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ حَسَّاسٌ يَتَحَرَّكُ بِالْإِرَادَةِ.
فالْإِنْسَانُ لَهُ إرَادَةٌ دَائِمًا، وَكُلُّ إرَادَةٍ فَلَا بُدَّ لَهَا مِن مُرَادٍ تَنْتَهِي إلَيْهِ، فَلَا بُدَّ لِكُلِّ عَبْدٍ مِن مُرَادٍ مَحْبُوبٍ هُوَ مُنْتَهَى حُبِّهِ وَإِرَادَتِهِ، فَمَن لَمْ يَكُن اللهُ مَعْبُودَهُ