الْقَدَمَيْنِ فِي مَوْضِعِ الْحَاجَةِ، مِثْلَ أَنْ يَكُونَ فِي قَدَمَيْهِ نَعْلَانِ يَشُقُّ نَزْعُهُمَا، وَأَمَّا مَسْحُ الْقَدَمَيْنِ مَعَ ظُهُورِهِمَا جَمِيعًا فَلَمْ يَنْقُلْهُ أَحَدٌ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ. ٢١/ ١٢٨
٢٢٨٩ - الْمُوَالَاةُ فِي الْوُضُوءِ فِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ:
أَحَدُهَا: الْوُجُوبُ مُطْلَقًا.
وَالثَّانِي: عَدَمُ الْوُجُوبِ مُطْلَقًا.
وَالثَّالِثُ: الْوُجُوبُ إلَّا إذَا تَرَكهَا لِعُذْرٍ مِثْلُ عَدَم تَمَامِ الْمَاءِ.
قُلْت: هَذَا الْقَوْلُ الثَّالِث هُوَ الْأَظْهَرُ وَالْأَشْبَهُ بَأُصُولِ الشَّرِيعَةِ؛ وَذَلِكَ أَنَّ أَدِلَّةَ الْوُجُوبِ لَا تتَنَاوَلُ إلَّا الْمُفَرِّطَ لَا تتنَاوَلُ الْعَاجِزَ عَنِ الْمُوَالَاةِ.
وَمَذْهَبُ أَحْمَد فِي هَذَا أَوْسَعُ مِن مَذْهَبِ غَيْرِهِ، فَعِنْدَهُ إذَا قَطَعَ التَّتَابُعَ لِغذْرٍ شَرْعِيِّ لَا يُمْكِنُ مَعَ إمْكَانِ الِاحْتِرَازِ مِنْهُ -مِثْلُ أَنْ يَتَخَلَّلَ الشَّهْرَيْنِ صَوْمُ شَهْرِ رَمَضَانَ، أَو يَوْمِ الْفِطْرِ، أَو يَوْمِ النَّحْرِ، أَو أَيَّامِ مِنًى، أو مَرَضٌ أَو نِفَاسٌ وَنَحْوُ ذَلِكَ- فَإِنَّهُ لَا يَمْنَعُ التَّتَابُعَ الْوَاجِبَ، وَلَو أَفْطَرَ لِعُذْرٍ مُبِيحٍ كَالسَّفَرِ فَعَلَى وِجْهَيْنِ؛ فَالْوُضُوءُ أَوْلَى إذَا تَرَكَ التَّتَابُعَ فِيهِ لِعُذْرٍ شَرْعِيِّ وَإِن أمْكنَ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ.
وَعَلَى هَذَا فَلَو تَوَضَّأَ ثُمَّ عَرَضَ أَمْرٌ وَاجِبٌ يَمْنَعُهُ عَنِ الْإِتْمَامِ -كَإِنْقَاذِ غَرِيقٍ، أَو أَمْرٍ بِمَعْرُوفِ وَنَهْيٍ عَن مُنْكَرٍ-: فَعَلَهُ، ثُمَّ أَتَمَّ وُضُوءَهُ؛ كَالطَّوَافِ وَأَوْلَى، وَكلذَلِكَ لَو قُدِّرَ أَنَّهُ عَرَضَ لَهُ مَرَضٌ مَنَعَهُ مِن إتْمَامِ الْوُضُوءِ.
وَأَيْضًا فَإِنَّ أُصُولَ الشَّرِيعَةِ تُفَرِّقُ فِي جَمِيعِ مَوَارِدِهَا بَيْنَ الْقَادِرِ وَالْعَاجِزِ، وَالْمُفَرِّطِ وَالْمُعْتَدِي، وَمَن لَيْسَ بِمُفَرِّطٍ وَلَا مُعْتَدٍ.
وَالتَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا أصْلٌ عَظِيمٌ مُعْتَمَدٌ، وَهُوَ الْوَسَطُ الَّذِي عَلَيْهِ الْأُمَّةُ الْوَسَطُ، وَبِهِ يَظْهَرُ الْعَدْلُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ الْمُتَبَايِنَيْنِ.
فَإِنْ قِيلَ: فَمَا تَقُولُونَ فِي الْغُسْلِ؟