يشق اشتغاله بالخلع واللبس كالبريد المجهز في مصلحة المسلمين. المستدرك ٣/ ٣٣
٢٣٢١ - لَمَّا ذَهَبْت عَلَى الْبَرِيدِ وَجَدَّ بِنَا السَّيْرُ وَقَدِ انْقَضَتْ مُدَّةُ الْمَسْحِ فَلَمْ يُمْكِن النَّزْعُ وَالْوُضُوءُ إلَّا بِانْقِطَاعٍ عَنِ الرُّفْقَةِ، أَو حَبْسِهِمْ عَلَى وَجْهٍ يَتَضَرَّرُونَ بِالْوُقُوفِ، فَغَلَبَ عَلَى ظَنِّي عَدَم التَّوْقِيتِ عِنْدَ الْحَاجَةِ -كَمَا قُلْنَا فِي الْجَبِيرَةِ- وَنَزَّلْت حَدِيثَ عُمَرَ وَقَوْلَهُ لعقبة بْنِ عَامِرٍ: "أَصَبْت السُّنَّةَ" عَلَيَّ؛ تَوْفِيقًا بَيْنَ الآَثَارِ، ثُمَّ رَأَيْتُهُ مُصَرَّحًا بِهِ فِي مَغَازِي ابْنِ عَائِدٍ أَنَّهُ كَانَ قَد ذَهَبَ عَلَى الْبَرِيدِ كَمَا ذَهَبْتُ لَمَّا فُتِحَتْ دِمَشْقُ ذَهَبَ بَشِيرًا بِالْفَتْحِ مِن يَوْمِ الْجُمْعَةِ إلى يَوْمِ الْجُمْعَةِ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: مُنْذ كَمْ لَمْ تَنْزعْ خُفَّيْك؟ فَقَالَ: مُنْذُ يَوْمِ الْجُمْعَةِ قَالَ: أَصَبْت.
فَحَمِدْت اللهَ عَلَى الْمُوَافَقَةِ.
وَهَذَا أَظُنُّهُ أَحَدَ الْقَوْلَيْنِ لِأَصْحَابِنَا وَهُوَ: أَنَّهُ إذَا كَانَ يَتَضَرَّرُ بِنَزْعِ الْخُفِّ صَارَ بِمَنْزِلَةِ الْجَبِيرَةِ.
وَفِي الْقَوْلِ الْآخَرِ: أَنَّهُ إِذَا خَافَ الضَّرَرَ بِالنَّزْعِ تيَمَّمَ وَلَمْ يَمْسَحْ.
وَهَذَا كَالرِّوَايَتَيْنِ لَنَا إذَا كَانَ جُرْحُه بَارِزًا يُمْكِنُهُ مَسْحُهُ بِالْمَاءِ دُونَ غَسْلِهِ، فَهَل يَمْسَحُهُ أَو يَتَيَمَّمُ لَهُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، وَالصَّحِيحُ: الْمَسْحُ؛ لِأَنَّ طَهَارَةَ الْمَسْحِ بِالْمَاءِ أَوْلَى مِن طَهَارَةِ الْمَسْحِ بِالتُّرَابِ.
وَيُلْحَقُ بِذَلِكَ إذَا كَانَ عَادِمًا لِلْمَاءِ وَمَعَهُ قَلِيلٌ يَكْفِي لِطَهَارَةِ الْمَسْحِ لَا لِطِهَارَةِ الْغَسْلِ، فَإِنْ نَزَعَهُمَا تيَمَّمَ؛ فَالْمَسْحُ عَلَيْهِمَا خَيْرٌ مِنَ التَّيَمُّمِ.
وَأَصْلُ ذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ: "يَمْسَحُ الْمُقِيمُ يَوْمًا وَلَيْلَةً وَالْمُسَافِرُ ثَلَاَثةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهِنَّ" (١).
(١) رواه النسائي (١٢٩)، وغيره، وقال الترمذي في جامعه: وَقَد رُوِيَ عَن بَعْضِ أهْلِ العِلْمِ أَنَّهُم لَمْ يُوَقِّتُوا فِي الْمَسْحِ عَلَى الخُفَّيْنِ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ.
وَالتَّوْقِيتُ أَصَحُّ. اهـ.