وَأَمَّا إذَا كَانَ تَرْك الصَّلَاة يفَوِّتُ الْمَأْمُومَ الْجُمُعَة وَالْجَمَاعَة: فَهُنَا لَا يَتْرُكُ الصَّلَاةَ خَلْفَهُم إلا مُبْتَدِعٌ مُخَالِفٌ لِلصَّحَابَةِ - رضي الله عنهم -.
وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الْإِمَامُ قَد رَتَّبَهُ وُلَاةُ الْأُمُورِ وَلَمْ يَكُن فِي تَرْكِ الصَّلَاةِ خَلْفَهُ مَصْلَحَةٌ: فَهُنَا لَيْسَ عَلَيْهِ تَرْكُ الصَّلَاةِ خَلْفَهُ؛ بَلِ الصَّلَاةُ خَلْفَ الْإِمَامِ الْأَفْضَلِ أَفْضَلُ.
وَهَذَا كُلُّه يَكُونُ فِيمَن ظَهَرَ مِنْهُ فِسْقٌ أَو بِدْعَةٌ تَظْهَرُ مُخَالَفَتهَا لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ؛ كَبِدْعَةِ الرَّافِضَةِ وَالْجَهْمِيَّة وَنَحْوِهِمْ (١).
وَمَن أَنْكَرَ مَذْهَبَ الرَّوَافِضِ وَهُوَ لَا يُصَلِّي الْجُمُعَةَ وَالْجَمَاعَةَ؛ بَل يُكَفِّرُ الْمُسْلِمِينَ فَقَد وَقعَ فِي مِثْل مَذْهَبِ الرَّوَافِضِ، فَإِنَّ مِن أَعْظَمِ مَا أَنْكَرَهُ أَهْلُ السُّنَّةِ عَلَيْهِم تَرْكَهُم الْجُمُعَةَ وَالْجَمَاعَةَ وَتَكْفِيرَ الْجُمْهُورِ. ٢٣/ ٣٥١ - ٣٥٥
٢٧٤٦ - وَسُئِلَ: عَن خَطِيبٍ قَد حَضَرَ صَلَاةَ الْجُمُعَةِ فَامْتَنَعُوا عَنِ الصَّلَاةِ خَلْفَهُ؛ لِأَجْلِ بِدْعَةٍ فِيهِ فَمَا هِيَ الْبِدْعَةُ الَّتِي تَمْنَعُ الصَّلَاةَ خَلْفَهُ؟
فَأَجَابَ: لَيْسَ لَهُم أَنْ يَمْنَعُوا أَحَدًا مِن صَلَاةِ الْعِيدِ وَالْجُمُعَةِ وَإِن كَانَ الْإِمَامُ فَاسِقًا، وَكَذَلِكَ لَيْسَ لَهُم تَرْكُ الْجُمُعَةِ وَنَحْوِهَا لِأَجْلِ فِسْقِ الْإِمَامِ؛ بَل عَلَيْهِم فِعْلُ ذَلِكَ خَلْفَ الْإِمَامِ وَإِن كَانَ فَاسِقًا.
(١) أي: أنّ هذا الكلام الذي قرره الشيخ، وهو الصلاة خلف المبتاع، إنما هو الذي أظهر وأعلن بدعته، كالروافض.
لكن يُقال: الروافض ليسوا كالجهمية، بل هم أشد كفرًا، فهم يُعلنون الشرك الصريح، بل وصلاتهم تختلف عن صلاتنا، فكيف تصح الصلاة خلفهم؟
ولعل الروافض في وقت شيخ الإسلام كانوا يُصلون كصلاتنا ولو ظاهرًا ونفاقًا، ولو علم الشيخ أن صلاتهم تختلف عن صلاة المسلمين لم يقل بجواز الصلاة خلفهم مهما كان الأمر، والله أعلم.
ولذلك قال البخاري - رَحِمَهُ اللهُ - كتابه: خلق أفعال العباد (ص ٣٣): "مَا أُبَالِي صَلَّيْتُ خَلْفَ الْجهْمِيِّ الرَّافِضِيِّ أمْ صَلَّيْتُ خَلْفَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، وَلَا يُسَلَّمُ عَلَيْهِمْ، وَلَا يُعَادُونَ، وَلَا يُنَاكَحُونَ، وَلَا يَشْهَدُونَ، وَلَا تُؤْكَلُ ذَبَائِحُهُمْ".
ونقل عن الإمام عَبْد الرَّحْمَنِ بْن مَهْدِيّ أنه قال: هُمَا مِلَّتَانِ: "الْجَهْمِيَّةُ وَالرَّافِضيَّةُ".