البخاري (١) عن أنس -رضي الله عنه- فقد روى أنس في هذا الحديث: "أنه استسقى بهم يوم الجمعة على المنبر فرفع يديه".
وقد ثبت أنه لم يكن يرفع يديه على المنبر في غير الاستسقاء فيكون أنس أراد هذا المعنى لا سيما وقد كان عبد الملك بن مروان أحدث رفع الأيدي على المنبر وأنس -رضي الله عنه- أدرك هذا العصر، وقد أنكر ذلك على عبد الملك عاصم بن الحارث، فيكون هو أخبر بالسُّنَّة التي أخبر بها غيره من أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يرفع يديه -يعني: على المنبر- إلا في الاستسقاء" (٢).
وهذا يبين أن الاستسقاء مخصوص بمزيد الرفع وهو الابتهال الذي ذكره ابن عباس -رضي الله عنهما-.
فالأحاديث تأتلف ولا تختلف.
ومن ظن أن النبي -صلى الله عليه وسلم- الرفع المعتدل جعل ظهر كفيه إلى السماء فقد أخطأ.
وكذلك من ظن أنه قصد بوجهه وظهر يديه إلى السماء فقد أخطأ، فإنه نهى عن ذلك فقال: "إذا سألتم الله فاسألوه ببطون أكفكم ولا تسألوه بظهورها" أخرجه أبو داود (٣) عن ابن عباس، قال: وهو من غير وجه عن محمد بن كعب كلها واهية، وروى أحاديث أخر في أبي داود وغيره.
وبالجملة فهذا الرفع الذي استفاضت به الأحاديث وعليه الأئمة والمسلمون من زمن نبيهم إلى هذا التأريخ.
وحديث أنس الذي تقدم يدل على أنه لشدة الرفع انحنت يداه فصار كفه مما يلي السماء لشدة الرفع لا قصدًا لذلك، كما جاء "أنه رفعهما حذاء وجهه" (٤).
فتبين بذلك أنه لم يقصد في هذا الرفع الشديد لا ظهر اليد ولا بطنها. المستدرك ٣/ ١٣٥ - ١٣٨
(١) (٩٣٣).
(٢) رواه البخاري (١٠٣١)، ومسلم (٨٩٦).
(٣) (١٤٨٥)، وضعَّفه الألباني في ضعيف أبي داود.
(٤) رواه أبو داود (١١٧٥)، وصحَّحه الألباني في صحيح أبي داود.