وَأَمَّا صَنْعَةُ أَهْلِ الْمَيِّتِ طَعَامًا يَدْعُونَ النَّاسَ إلَيْهِ فَهَذَا غَيْرُ مَشْرُوعٍ وَإِنَّمَا هُوَ بِدْعَةٌ. ٢٤/ ٣١٤ - ٣١٦
٢٨٩٥ - الْعُلَمَاءُ لَهُم فِي وُصُولِ الْعِبَادَاتِ الْبَدَنِيَّةِ؛ كَالْقِرَاءَةِ وَالصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ إلَى الْمَيِّتِ قَوْلَانِ، أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ يَصِلُ.
وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِن الْعُلَمَاءِ: إنَّ الْقِرَاءَةَ عِنْدَ الْقَبْرِ أَفْضَلُ، وَمَن قَالَ: إنَّهُ عِنْدَ الْقَبْرِ يَنْتَفِعُ الْمَيِّتُ بِسَمَاعِهَا دُونَ مَا إذَا بَعُدَ الْقَارِئُ: فَقَوْلُهُ هَذَا بِدْعَة بَاطِلَةٌ مُخَالِفَةٌ لِإِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ.
وَالْمَيِّتُ بَعْدَ مَوْتِهِ لَا يَنْتَفِعُ بِأَعْمَال يَعْمَلُهَا هُوَ بَعْد الموت: لَا مِن اسْتِمَاعٍ وَلَا قِرَاءَةٍ وَلَا غَيْرِ ذَلِكَ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ.
وَإِنَّمَا يَنْتَفِعُ بِآثَارِ مَا عَمِلَهُ فِي حَيَاتِهِ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "إذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إلَّا مِن ثَلَاثٍ: صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ أَو عِلْم يُنْتَفَعُ بِهِ أَو وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ" (١).
وَيُنْتَفَعُ أَيْضًا بِمَا يُهْدَى إلَيْهِ مِن ثَوَابِ الْعِبَادَاتِ الْمَالِيَّةِ؛ كَالصَّدَقَةِ وَالْهِبَةِ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ.
وَكَذَلِكَ الْعِبَادَاتُ الْبَدَنِيَّةُ فِي أَصَحِّ قَوْلَيْهِمْ. ٣١/ ٤١ - ٤٢
٢٨٩٦ - أَمَّا بِنَاءُ الْمَسَاجِدِ عَلَى الْقُبُورِ وَتُسَمَّى "مَشاهِدَ": فَهَذَا غَيْرُ سَائِغٍ؛ بَل جَمِيعُ الْأُمَّةِ يَنْهَوْنَ عَن ذَلِكَ، لِمَا ثَبَتَ فِي "الصَّحِيحَيْنِ" عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: "لَعَنَ اللهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ يُحَذِّرُ مَا فَعَلُوا" (٢).
فَمَنِ اعْتَقَدَ أَنَّ الصَّلَاةَ عِنْدَهَا فِيهَا فَضْلٌ عَلَى الصَّلَاةِ عَلَى غَيْرِهَا، أَو أَنَّهَا
(١) رواه مسلم (١٦٣١).
(٢) رواه البخاري (١٣٩٠)، ومسلم (٥٢٩).