باب زكاة الحبوب والثمار
٢٩٨٢ - الْعِنَبُ الَّذِي لَا يَصِيرُ زَبِيبًا: إِذَا أَخْرَجَ عَنْهُ زَبِيبًا بِقَدْرِ عُشْرِهِ لَو كَانَ يَصِيرُ زَبِيبًا جَازَ وَهُوَ أَفْضَلُ، وَأَجْزَأَهُ ذَلِكَ بِلَا ريبٍ.
وَلَا يَتَعَيَّن عَلَى صَاحِبِ الْمَالِ الْإِخْرَاجُ مِن عَيْنِ الْمَالِ لَا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَلَا غَيْرِهَا؛ بَل مَن كَانَ مَعَهُ ذَهَبٌ أَو فِضَّةٌ أَو عَرَضُ تِجَارَةٍ أَو لَهُ حَبٌّ أَو ثَمَرٌ يَجِبُ فِيهِ الْعُشْرُ أَو مَاشِيَةٌ تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ وَأَخْرَجَ مِقْدَارَ الْوَاجِبِ الْمَنْصُوصِ مِن غَيْرِ ذَلِكَ الْمَالِ: أَجْزَأَهُ، فَكَيْفَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ.
وَإِن أَخْرَجَ الْعُشْرَ عِنَبًا؟ فَفِيهِ قَوْلَانِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد:
أَحَدُهُمَا: وَهُوَ الْمَنْصُوصُ عَنْهُ أَنَّهُ لَا يُجْزئُهُ.
وَالثَّانِي: يُجْزِئُهُ، وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي أَبِي يَعْلَى، وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ وَهُوَ أَظْهَرُ.
وَأَمَّا الْعِنَبُ الَّذِي يَصِيرُ زَبِيبًا لَكِنَّهُ قَطَعَهُ قَبْلَ أَنْ يَصِيرَ زَبِيبًا: فَهُنَا يُخْرِجُ زَبِيبًا بِلَا رَيْبٍ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يَبْعَثُ سُعَاتِهِ فَيَخْرُصُونَ النَّخْلَ وَالْكَرْمَ ويُطَالِبُ أَهْلَهُ بِمِقْدَارِ الزَّكَاةِ يَابِسًا، وَإِن كَانَ أَهْلُ الثِّمَارِ يَأْكُلُونَ كَثِيرًا مِنْهَا رُطَبًا.
وَيَأْمُرُ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- الْخَارِصِينَ أَنْ يَدَعُوا لِأَهْلِ الْأَمْوَالِ الثُّلُثَ أَو الرُّبُعَ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ عُشْرٌ وَيَقُولُ: "إذَا خَرَصْتُمْ فَدَعُوا الثُّلُثَ فَإِنْ لَمْ تَدَعُوا الثُّلُثَ فَدَعُوا الرُبُعَ" (١).
(١) رواه الإمام أحمد (١٥٧١٣)، وأبو داود (١٦٠٥)، والترمذي (٦٤٣)، والنسائي (٢٤٩١)، من حديث سَهْل بْن أبِي حَثْمَةَ، وصحَّحه محققو المسند، وضعَّفه الألباني.
قال الترمذي: وَالعَمَلُ عَلَى حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ أبِي حَثْمَةَ عِنْدَ أكْثَرِ أَهْلِ العِلْمِ فِي الخَرْصِ، وَبحَدِيثِ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ، يَقُولُ أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ.
وَالخَرْصُ إِذَا أَدْرَكَتِ الثِّمَارُ مِنَ الرُّطَبِ وَالعِنَبِ مِمَّا فِيهِ الزَّكَاةُ بَعَثَ السُّلْطَانُ خَارِصًا يَخْرُصُ عَلَيْهِمْ، وَالخَرْصُ: أَنْ يَنْظُرَ مَن يُبْصِرُ ذَلِكَ فَيَقُولُ: يَخْرُجُ مِن هَذَا الزَّبِيبِ كَذَا، وَكَذَا،=