وَإِن لَمْ يَسُقِ الْهَدْيَ: حَلَّ، وَهَذَا أَفْضَلُ لَهُ مِن أَنْ يَجِيءَ بِعُمْرَةٍ عَقِبَ الْحَجِّ.
وَأَمَّا مَن أَفْرَدَهُمَا فِي سَفْرَةٍ وَاعْتَمَرَ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ وَأَقَامَ إلَى الْحَجِّ: فَهَذَا أَفْضَلُ مِن التَّمَتُّعِ، وَهَذَا قَوْلُ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْإِمَامُ أَحْمَد وَغَيْرِهِ.
وَاخْتِيَارُ الْمُتْعَةِ هُوَ قَوْلُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ، وَهُوَ قَوْلُ فُقَهَاءِ مَكَّةَ مِن الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، وَقَوْلُ بَنِي هَاشِمٍ.
فَاتَّفَقَ عَلَى اخْتِيَارِهِ: عُلَمَاءُ سُنَّتِهِ، وَأَهْلُ بَلْدَتِهِ، وَأَهْلُ بَيْتِهِ.
وَالْغَلَطُ فِي هَذَا الْبَابِ كَثِيرٌ عَلَى السُّنَّةِ وَعَلَى الْأَئِمَّةِ، وَإِلَّا فَكَيْفَ يَشُكُّ مَن لَهُ أَدْنَى مَعْرِفَةٍ فِي السُّنَّةِ أَنَ أَصْحَابَهُ لَمْ يَعْتَمِرْ أَحَدٌ مِنْهُم عَقِيبَ الْحَجِّ!
وَكَيْفَ يَشكُّ مُسْلِمٌ أَنَّ مَا فَعَلُوهُ بِأَمْرِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- هُوَ الْأَفْضَلُ لَهُم وَلمَن كَانَ حَالُهُ كَحَالِهِمْ! (١) ٢٦/ ٢٨٤ - ٢٨٩
٣١٩٠ - وَأَمَّا مَن قَالَ مِن الْفُقَهَاءِ: الْإِفْرَادُ أَنْ يَحُجَّ وَيَعْتَمِرَ عَقِبَ ذَلِكَ مِن مَكَّةَ فَهَذَا غالط بِإِجْمَاع الْعُلَمَاءِ، فَإِنَّهُ لَا نِزَاعَ بَيْنَهُم أَنَّ مَن اعْتَمَرَ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ وَرَجَعَ إلَى بَلَدهِ ثُمَّ حَجَّ، أَو أَقَامَ بِمَكَّةَ حَتَّى يَحُجَّ مِن عَامِهِ أَنَّهُ مُفْرِدٌ لِلْحَجِّ (٢)، وَكَذَلِكَ لَو اعْتَمَرَ بَعْدَ الْحَجِّ فِي سَفْرَةٍ أُخْرَى فَإِنَّهُ مُفْرِدٌ بِالِاتِّفَاقِ، وَهَذَا الْإِفْرَادُ هُوَ الَّذِي اسْتَحَبَّهُ الصَّحَابَةُ، وَهُوَ مُسْتَحَبٌّ أَيْضًا عِنْدَ أحْمَد وَغَيْرِهِ؛ فَإِنَّ الِاعْتِمَارَ فِي رَمَضَانَ وَالْإِقَامَةَ إلَى أَنْ يَحُجَّ أَفْضَلُ مِن التَّمَتُّعِ، وَإِن كَانَ الرُّجُوعُ إلَى بَلَدِهِ ثُمَّ السَّفَرُ لِلْحَجِّ أَفْضَلَ مِنْهَا. ٢٦/ ٤٨ - ٤٩
٣١٩١ - مَن قَالَ مِن أَصْحَابِ أَحْمَد: إنَّهُ تَمَتَّعَ وَلَمْ يَحِلَّ مِن إحْرَامِهِ لِأَجْلِ
(١) فالمتعة أفضل الأنساك لمن لم يسق الهدي.
(٢) إذا أحْرَمَ بِالعمرة فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الحج: لَمْ يَكُن مُتَمَتِّعًا، سَوَاءٌ: وَقَعَتْ أَفْعَالُهَا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، أَو فِي غَيْرِ أَشْهُرِهِ. نَصَّ عَلَيْهِ الإمام أَحْمَدُ. يُنظر: المغني (٣/ ٤١٢).