قَبْلَهَا مِنَ الْمَكَانِ الَّذِي يُسَمَّى رَابِغًا، وَهَذَا مِيقَاتٌ لِمَن حَجَّ مِن نَاحِيَةِ الْمَغْرِبِ: كَأَهْلِ الشَّامِ وَمِصْرَ وَسَائِرِ الْمَغْرِبِ، لَكِنْ إذَا اجْتَازُوا بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ -كَمَا يَفْعَلُونَهُ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ- أَحْرَمُوا مِن مِيقَاتِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، فَإِنَّ هَذَا هُوَ الْمُسْتَحَبُّ لَهُم بِالِاتِّفَاقِ، فَإِنْ أَخَّرُوا الْإِحْرَامَ إلَى الْجَحْفَةِ فَفِيهِ نِزَاعٌ.
وَأَمَّا الْمَوَاقِيتُ الثَّلَاثَةُ فَبَيْنَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا وَبَيْنَ مَكَّةَ نَحْوُ مَرْحَلَتَيْنِ.
وَلَيْسَ لأحَدٍ أَنْ يُجَاوِزَ الْمِيقَاتَ إذَا أَرَادَ الْحَجَّ أَو الْعُمْرَةَ إلَّا بِإِحْرَام. ٢٦/ ٩٩ - ١٠٠
٣١٩٤ - مَن كَانَ بِمَكَّةَ مِن مُسْتَوْطِنٍ وَمُجَاوِرٍ وَقَادِمٍ وَغَيْرِهِمْ: فَإِنَّ طَوَافَهُ بِالْبَيْتِ أَفْضَلُ لَهُ مِنَ الْعُمْرَةِ، وَسَوَاءٌ خَرَجَ فِي ذَلِكَ إلَى أَدْنَى الْحِلِّ وَهُوَ التَّنْعِيمُ الَّذِي أُحْدِثَ فِيهِ الْمَسَاجِدُ الَّتِي تُسَمَّى "مَسَاجِدَ عَائِشَةَ"، أَو أَقْصَى الْحِلِّ مِن أَيِّ جَوَانِبِ الْحَرَمِ.
وَهَذَا الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ بَيْنَ سَلَفِ الْأُمَّةِ، وَمَا أَعْلَمُ فِيهِ مُخَالِفًا مِن أَئِمَّةِ الْإِسْلَامِ فِي الْعُمْرَةِ الْمَكِّيَّةِ.
وَأَمَّا الْعُمْرَةُ مِن الْمِيقَاتِ: بِأَنْ يَذْهَبَ إلَى الْمِيقَاتِ فَيُحْرِمَ مِنْهُ، أَو يَرْجِعَ إلَى بَلَدِهِ ثُمَّ يُنْشِئَ السَّفَرَ مِنْهُ لِلْعُمْرَةِ: فَهَذِهِ لَيْسَتْ عُمْرَة مَكيَّةً؛ بَل هَذِهِ عُمْرَةٌ تَامَّةٌ، وَلَيْسَ الْكَلَامُ هُنَا فِيهَا.
وَسَيَأْتِي كَلَامُ بَعْضِ مَن رَجَّحَ الْمُقَامَ بِمَكَّةَ لِلطَّوَافِ عَلَى الرُّجُوعِ لِلْعُمْرَةِ مِنَ الْمِيقَاتِ.
وَإِنَّمَا النِّزَاعُ فِي أَنَّهُ هَل يُكْرَهُ لِلْمَكِّيِّ الْخُرُوجُ لِلِاعْتِمَارِ مِن الْحِلِّ أَمْ لَا؟
وَهَل يُكْرَهُ أَنْ يَعْتَمِرَ مَن تُشْرَعُ لَهُ الْعُمْرَةُ كَالْأفُقِيِّ (١) فِي الْعَامِ أَكْثَرَ مِن عُمْرَةٍ أَمْ لَا؟ وَهَل يُسْتَحَبُّ كَثْرَةُ الِاعْتِمَارِ أَمْ لَا؟
(١) الأفقي: نسبة إلى الأفق، ويقال: الآفاقي نسبة إلى الآفاق، والأرجح لغةٌ أن يقال الأفقي نسبة إلى المفرد؛ لأن هذا هو الأصل في النسبة.
والأفقي: من لم يكن حاضر المسجد الحرام. الشرح الممتع (٧/ ٨٨).