أَوْلَى؛ فَإِنَّ فِي اشْتِرَاطِ الطَّهَارَةِ نِزَاعًا مَعْرُوفًا، وَكَثِيرٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ كَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ يَقُولُونَ: إنَّهَا فِي حَالِ الْقُدْرَةِ عَلَى الطَّهَارَةِ إذَا طَافَتْ مَعَ الْحَيْضِ أَجْزاهَا وَعَلَيْهَا دَمٌ، مَعَ قَوْلِهِمْ إنَّهَا تَأْثَمُ بِذَلِكَ، وَلَو طَافَتْ قَبْلَ التَّعْرِيفِ لَمْ يُجْزِئهَا، وَهَذَا الْقَوْلُ مَشْهُورٌ مَعْرُوفٌ، فَتَبَيَّنَ لَك أن الطَّوَافَ مَعَ الْحَيْضِ أَوْلَى مِنَ الطَّوَافِ قَبْلَ الْوَقْتِ. ٢٦/ ٢٠٣
* * *
(الفرق بين قَصْدِ الْعِبَادَةِ وَقَصْدِ الْمَعْبُودِ، وبَيْنَ النِّيَّةِ الْمُشْتَرَطَةِ لِلْحَجِّ وَالنِّيَّةِ الَّتي يَنْعَقِدُ بِهَا الْإِحْرَامُ)
٣٢٥٠ - أما النِّيَّةُ لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ: فلَا خِلَافَ بَيْنَ أصْحَابِنَا وَسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ الْحَجَّ لَا يَصِحُّ إلَّا بِهَا: إمَّا مِن الْحَاجِّ نَفْسِهِ، وَإِمَّا مَن يَحُجُّ بِهِ كَمَا يَحُجُّ وَلِيُّ الصَّبِيِّ.
وَسَوَاءٌ قِيلَ: إنَّ الْحَجَّ يَنْعَقِدُ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ، أوْ لَا يَنْعَقِدُ إلَّا بِهَا وَبِشَيْء آخَرَ مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ، مِنْ تَلْبِيَةٍ أَوْ تَقْلِيدِ هَدْيٍ عَلَى الْخِلَافِ الْمَشْهُورِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ.
وَسَوَاءٌ قُلْنَا: إنَّ الْإِحْرَامَ رُكْنٌ أمْ لَيْسَ بِرُكْن، وَهَذَا أمْرٌ لَا يَقْبَلُ الْخِلَافَ؛ فَإِنَ الْعِبَادَاتِ الْمَقْصُودَةَ يَمْتَنِعُ أنْ تَكُونَ هِيَ الْعِبَادَاتِ الْمَأْمُورَ بِهَا بِدُونِ النِّيَّةِ.
وَأمَّا انْعِقَادُ الْإِحْرَامِ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ: فَفِيهِ خِلَافٌ فِي الْمَذْهَبِ وَغَيْرِهِ.
وَفَرْقٌ بَيْنَ النِّيَّةِ الْمُشْتَرَطَةِ لِلْحَجِّ وَالنِّيَّةِ الَّتِي يَنْعَقِدُ بِهَا الْإِحْرَامُ، فَإِنَّ الرَّجُلَ يُمْكِنُهُ أَنْ يَنْوِيَ الْحَجَّ مِن حِينِ يَخْرُجُ مِن بَيْتِهِ كمَا هُوَ الْوَاقِعُ، وَيقِفَ وَيَطُوفَ مُسْتَصْحِبًا لِهَذِهِ النِّيَّةِ ذِكْرًا وَحُكْمًا، وَإِن لَمْ يَقْصِد الْإِحْرَامَ وَلَا يَخْطُرُ بِقَلْبِهِ (١).
(١) ظاهره: أنه يصح إحرام الرَّجُل بمُجرَّدِ ما في قَلْبهِ منْ قصْدِ الحجِّ ونيّته، ولا يلزمه قَوْل أوْ عَمَل يَصيرُ به مُحْرمًا.
لكن هذا الظاهر يُعارضه قول الشيخ في موضع آخر: وَلَا يَكونُ الرَّجُلُ مُحْرِمًا بِمُجَرَّدِ مَا فِي=