وَأَيْضًا: النِّيَّة الْحُكْمِيَّةُ تَقُومُ مَقَامَ النِّيَّةِ الْمُسْتَحْضَرَةِ، وَإِن كَانَت النِّيَّةُ الْمُسْتَحْضَرَةُ أَكْمَلَ وَأَفْضَلَ، فَإِذَا نَوَى الْعَبْدُ صَلَاةَ الظُّهْرِ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ أَجْزَأَهُ اسْتِصْحَابُ النِّيَّةِ حُكْمًا، فَكَذَلِكَ الْعَبْدُ الْمُؤْمِنُ الَّذِي دَخَلَ الْإِيمَانُ فِي قَلْبِهِ قَد نَوَى نِيَّةً عَامَّةً أَنَّ عِبَادَاتِهِ هِيَ لَهُ لَا لِغَيْرِهِ، فَإِنَّهُ إنْ لَمْ يَكن كَذَلِكَ كَانَ مُنَافِقًا.
فَإِذَا نَوَى عِبَادَةً مُعَيَّنَةً مِن صَلَاةٍ وَصَوْمِ كَانَ مُسْتَصْحِبًا لِحُكْمِ تِلْكَ النِّيَّةِ الشَّامِلَةِ لِجَمِيعِ أَنْوَاعِ الْعِبَادَاتِ، كَمَا أَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ إذَا نَوَى الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ كَانَ مُسْتَصْحِبًا لِحُكْمِ نِيَّةِ الظُّهْرِ أَو الْعَصْرِ الشَّامِلَةِ لِجَمِيعِ أَعْمَالِ الصَّلَاةِ، ثُمَّ إنْ أَتَى بِمَا يَنْقُضُ عِلْمَ تِلْكَ أَفْسَدَهَا، فَإِنَّهُ يَكُونُ فَاسِخًا لَهَا، كَمَا لَو فَسَخَ نِيَّةَ الصَّلَاةِ فِي أَثْنَائِهَا، فَإِذَا قَامَ يُصَلِّي لِئَلَّا يُضْرَبَ أَو يُؤخَذَ مَالُهُ أَو أَدَّى الزَّكَاةَ لِئَلَّا يُضْرَبَ: كَانَ قَد فَسَخَ تِلْكَ النِّيَّةَ الْإِيمَانِيَّةَ.
فَلِهَذَا كَانَ الصَّحِيحُ عِنْدَنَا وَعِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ هَذِهِ الْعِبَادَةَ فَاسِدَةٌ لَا يَسْقُطُ الْفَرْضُ بِهَذِهِ النِّيَّةِ.
فَفَرْقٌ بَيْنَ مَن لَمْ يُرِدِ اللهَ بِعَمَلِهِ لَا جُمْلَةً وَلَا تَفْصِيلًا، وَبَيْنَ مَن أَرَادَهُ جُمْلَةً وَذُهِلَ عَن إرَادَتِهِ بِالْعَمَلِ الْمُعَيَّنِ تَفْصِيلًا.
فَإِنَّ مَن نَوَى الْعَمَلَ الْمُعَيَّنَ فَقَد نَوَى الْعَمَلَ للهِ بِحُكْمِ إيمَانِهِ. ٢٦/ ٢٢ - ٣٢
* * *
التفصيل في حكم إدخال الحج على العمرة والعكس، وما الأفضل لمن اعتمر في غير أشهر الحج وأراد الحج: الإفراد أو التمتع؟
٣٢٥١ - إِذَا أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ ثُمَّ أَدْخَلَ عَلَيْهَا الْحَجَّ: جَازَ ذَلِكَ بِالاِتِّفَاقِ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ أَكْثَرَ مِمَّا كَانَ عَلَيْهِ.
وَأَمَّا إذَا أَحْرَمَ بِالْحَجِّ ثُمَّ أَدْخَلَ عَلَيْهِ الْعُمْرَةَ (١): لَمْ يَجُزْ عَلَى الصَّحِيحِ؛
(١) صورة المسألة: رجلٌ أهل بالحج وحده ثم أدخل العمرة عليه فصار قارنًا؛ أي: انتقل من الإفراد=