و"الطُّورِ" الَّذِي كَلَّمَ اللهُ عَلَيْهِ مُوسَى عليه السلام أَو "جَبَلِ حِرَاءَ" وَنَحْوِ ذَلِكَ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْوَفَاءُ بِنَذْرِهِ .. وَالسَّفَرُ إلَى هَذِهِ الْبِقَاعِ مَعْصِيَةٌ فِي أظْهَرِ الْقَوْلَيْنِ. ٢٧/ ٢٩ - ٣٢
٣٢٩٨ - ثَبَتَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ -رضي الله عنه- كَانَ فِي بَعْضِ الْأَسْفَارِ: فَرَأَى قَوْمًا يَتَنَاوَبُونَ مَكَانًا يُصَلُّونَ فِيهِ فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالُوا: مَكان صَلَّى فِيهِ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَقَالَ: أَتُرِيدُونَ أَنْ تَتَّخِذوا أَثَرَ الْأَنْبِيَاءِ لَكُمْ مَسَاجِدَ؟ إنَّمَا هَلَكَ مَن كَانَ قَبْلكُمْ بِهَذَا، مَن أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ فَلْيُصَل، وَإِلَّا فَلْيَمْضِ.
وَهَذَا لِأَنَّ اللهَ لَمْ يَشْرَعْ لِلْمُسْلِمِينَ مَكَانا يَتَنَاوَبُونَهُ لِلْعِبَادَةِ إلَّا الْمَسَاجِدَ خَاصَّةً، فَمَا لَيْسَ بِمَسْجِد لَمْ يَشْرَعْ قَصْدَهُ لِلْعِبَادَةِ وَإِن كَانَ مَكَانَ نَبِيٍّ أَو قَبْرَ نَبِيٍّ. ٢٧/ ٣٣ - ٣٤
٣٢٩٩ - أَمَّا التُّرْبَةُ الَّتِي دُفِنَ فِيهَا النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- فَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ قَالَ إنَّهَا أَفْضَلُ مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَو الْمَسْجِدِ النَّبَوِيِّ أَو الْمَسْجِدِ الْأقْصَى إلَّا الْقَاضِي عِيَاضٌ، فَذَكَرَ ذَلِكَ إجْمَاعًا، وَهُوَ قَوْلٌ لَمْ يَسْبِقْهُ إلَيْهِ أَحَدٌ فِيمَا عَلِمْنَاهُ (١)، وَلَا حُجَّةَ عَلَيْهِ؛ بَل بَدَنُ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَفْضَلُ مِنَ الْمَسَاجِدِ.
وَلَو كَانَ مَا ذَكَرَهُ حَقًّا لَكَانَ مَدْفِنُ كُلِّ نَبِيٍّ بَل وَكُلّ صَالِحٍ أَفْضَلَ مِنَ الْمَسَاجِدِ الَّتِي هِيَ بُيُوتُ اللهِ، فَيَكونُ بُيُوت الْمَخْلُوقِينَ أَفْضَلَ مِن بُيُوتِ الْخَالِقِ الَّتِي أَذِنَ اللهُ أنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ، وَهَذَا قَوْلٌ مُبْتَدَعٌ فِي الدِّينِ مُخَالِفٌ لِأصُول الْإسْلَامِ. ٢٧/ ٣٧ - ٣٩
* * *
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
٣٣٠٠ - اسْمُ "الْمُنْكَرِ" يَعُمُّ كُلّ مَا كَرِهَهُ اللهُ وَنَهَى عَنْهُ وَهُوَ الْمُبْغَضُ، وَاسْمُ "الْمَعْرُوفِ" يَعُمُّ كُلَّ مَا يُحِبُّهُ اللهُ وَيرْضَاهُ وَيأْمُرُ بِهِ، فَحَيْثُ أُفْرِدَا بِالذِّكْرِ فَإِنَّهُمَا يَعُمَّانِ كُل مَحْبُوب فِي الدِّينِ وَمَكْرُوهٍ.
(١) قال الشيخ: وَلَا وَافَقَهُ أحَدٌ عَلَيْهِ. (٢٧/ ٣٨)