وَتَعَلُّمُ هَذِهِ الصِّنَاعَاتِ هُوَ مِن الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ لِمَن يَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللهِ عزَّ وجلَّ، فَمَن عَلَّمَ غَيْرَهُ ذَلِكَ كَانَ شَرِيكَهُ فِي كُلِّ جِهَادٍ يُجَاهِدُ بِهِ، لَا ئنْقَصُ أَحَدُهُمَا مِن الْأَجْرِ شَيْئًا؛ كَاَلَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَيُعَلِّمُ الْعِلْمَ.
٣٣٥٧ - لِبَاسُ الْحَرِيرِ عِنْدَ الْقِتَالِ لِلضَّرُورَةِ: يَجُوزُ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ؛ وَذَلِكَ بِأَنْ لَا يَقُومَ غَيْرُهُ مَقَامَهُ فِي دَفْعِ السّلَاحِ وَالْوِقَايَةِ.
وَأَمَّا لِبَاسُهُ لِإِرْهَابِ الْعَدُوِّ فَفِيهِ لِلْعُلَمَاءِ قَوْلَانِ: أَظْهَرُهُمَا أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ.
وَأَمَّا يَسِيرُ الْحَرِيرِ مِثْلُ الْعَلَمِ الَّذِي عَرْضُهُ أَرْبَعَةُ أَصَابعَ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَيَجُوزُ مُطْلَقًا.
وَفِي الْعَلَمِ الذَّهَبِ نِزَاعٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ، وَالْأَظْهَرُ جَوَازُهُ أَيْضًا؛ فَإِنَّ فِي السُّنَنِ عَن النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- "أنَّهُ نَهَى عَن الذَّهَبِ إلَّا مُقَطَّعًا" (١).
٣٣٥٨ - رِسَالَة مِن شَيْخِ الْإِسْلَامِ -قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ- إلَى أَصْحَابِهِ وَهُوَ فِي حَبْسِ الإسكندرية قَالَ: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (١١)} الضحى: ١١، وَاَلَّذِي أُعَرِّفُ بِهِ الْجَمَاعَةَ أَحْسَنَ اللهُ إلَيْهِم فِي الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ، وَأَتَمَّ عَلَيْهِم نِعْمَتَهُ الظَّاهِرَةَ وَالْبَاطِنَةَ، فَإِنِّي -وَاللهِ الْعَظِيمِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ- فِي نِعَمٍ مِن اللهِ مَا رَأَيْتُ مِثْلَهَا فِي عُمْرِي كُلِّهِ، وَقَد فَتَحَ اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مِن أَبْوَابِ فَضْلِهِ وَنعْمَتِهِ وَخَزَائِنِ جُودِهِ وَرَحْمَتِهِ مَا لَمْ يَكُن بِالْبَالِ، وَلَا يَدُورُ فِي الْخَيَالِ.
فَإِنَّ اللَّذَّةَ وَالْفَرْحَةَ وَالسُّرُورَ وَطِيبَ الْوَقْتِ وَالنَّعِيمَ الَّذِي لَا يُمْكِنُ التَّعْبِير عَنْهُ: إنَّمَا هُوَ فِي مَعْرِفَةِ اللهِ سبحانه وتعالى وَتَوْحِيدِهِ وَالْإِيمَانِ بِهِ، وَانْفِتَاحِ الْحَقَائِقِ الْإِيمَانِيَّةِ وَالْمَعَارِفِ الْقُرْآنِيَّةِ.
وَلَيْسَ فِي الدُّنْيَا نَعِيمٌ يُشْبِهُ نَعِيمَ الْآخِرَةِ إلَّا نَعِيمَ الْإِيمَانِ وَالْمَعْرِفَةِ.
وَلَيْسَ لِلْقُلُوبِ سُرُورٌ وَلَا لَذَّةٌ تَامَّةٌ إلَّا فِي مَحَبَّةِ اللهِ وَالتَّقَرُّبِ إلَيْهِ بِمَا
(١) رواه النسائي (٥١٥٠)، وأحمد (١٦٨٣٣)، وصحَّحه الألباني في صحيح النسائي (٥١٧٤).