يُحِبُّهُ، وَلَا تُمْكِنُ مَحَبَّتُهُ إلَّا بِالْإِعْرَاضِ عَن كُلِّ مَحْبُوبٍ سِوَاهُ، وَهَذَا حَقِيقَةُ لَا إلَهَ إلَّا اللهُ.
وَلهَذَا كَانَ الدِّينُ مَجْمُوعًا فِي التَّوْحِيدِ وَالِاسْتِغْفَارِ، قَالَ تَعَالَى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} محمد: ١٩، وَقَالَ تَعَالَى: {فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ} فصلت: ٦.
وَكُلَّمَا قَوِيَ التَّوْحِيدُ فِي قَلْبِ الْعَبْدِ قَوِيَ إيمَانُهُ وَطُمَأنِينَتُهُ وَتَوَكُّلُهُ ويقِينُهُ.
وَالْخَوْفُ الَّذِي يَحْصُلُ فِي قُلُوبِ النَّاسِ هُوَ الشِّرْكُ الَّذِي فِي قُلُوبِهِم قَالَ الله تَعَالَى: {سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ} آل عمران: ١٥١.
وَاللهُ تَعَالَى يَقُولُ: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ} الفتح: ٢٨ بِالْحُجَّةِ وَالْبَيَانِ؛ وَبِالْيَدِ وَاللّسَانِ، وَهَذَا إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، لَكِنَّ الْجِهَادَ الْمَكِّيَّ بِالْعِلْمِ وَالْبَيَانِ، وَالْجِهَادَ الْمَدَنِيَّ مَعَ الْمَكّيِّ بِالْيَدِ وَالْحَدِيدِ، قَالَ تَعَالَى: {فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا (٥٢)} الفرقان: ٥٢ وَسُورَةُ الْفُرْقَانِ مَكِّيَّةٌ، وَإِنَّمَا جَاهَدَهُم بِاللِّسَانِ وَالْبَيَانِ، وَلَكِنْ يَكُفُّ عَنِ الْبَاطِلِ.
وَفِي الْجُمْلَةِ: مَا يُبَيِّنُ نِعَمَ اللهِ الَّتِي أَنْعَمَ بِهَا عَلَيَّ وَأَنَا فِي هَذَا الْمَكَانِ: أَعْظَمُ قَدْرًا وَأَكْثَرُ عَدَدًا، مَا لَا يُمْكِنُ حَصْرُهُ، وَأَكْثَرُ مَا يَنْقُصُ عَلَيَّ الْجَمَاعَةُ، فَأَنَا أُحِبُّ لَهُم أَنْ يَنَالُوا مِن اللَّذَّةِ وَالسُّرُورِ وَالنَّعِيمِ مَا تَقَرُّ بِهِ أَعْيُنُهُمْ، وَأَنْ يُفْتَحَ لَهُم مِن مَعْرِفَةِ اللهِ وَطَاعَتِهِ وَالْجِهَادِ فِي سَبِيلِهِ مَا يَصِلُونَ بِهِ إلَى أَعْلَى الدَّرَجَاتِ، وَأُعَرِّفُ أَكْثَرَ النَّاسِ قَدْرَ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ لَا يُعْرَفُ إلَّا بِالذَّوْقِ وَالْوَجْدِ، لَكِنْ مَا مِن مُؤْمِنٍ إلَّا لَهُ نَصِيبٌ مِن ذَلِكَ، ويسْتَدِلُّ مِنْهُ بِالْقَلِيلِ عَلَى الْكَثِيرِ، وَإِن كَانَ لَا يُقَدِّرُ قَدْرَهُ الْكَبِيرَ، وَأَنَا أَعْرِفُ أَحْوَالَ النَّاسِ وَالْأَجْنَاسِ وَاللَّذَّاتِ.
وَالْمَقْصُودُ إخْبَارُ الْجَمَاعَةِ بِأَنَّ نِعَمَ اللهِ عَلَيْنَا فَوْقَ مَا كَانَت بِكَثِيرٍ كَثِيرٍ، وَنَحْنُ بِحَمْدِ اللهِ فِي زِيَادَةٍ مِن نِعَمِ اللهِ، وَإِن لَمْ يُمْكِنْ خِدْمَة الْجَمَاعَةِ بِاللِّقَاءِ