وَأَمَّا مَا يَتَعَلَّق بِحُقُوقِ اللهِ: فَإِنْ تَابُوا تَابَ اللهُ عَلَيْهِمْ، وَإِلَّا فَحُكْمُ اللهِ نَافِذٌ فِيهِمْ، فَلَو كَانَ الرَّجُلُ مَشْكُورًا عَلَى سوءِ عَمَلِهِ لَكُنْتُ أَشْكُرُ محلَّ مَن كَانَ سَبَبًا فِي هَذِهِ الْقَضِيَّةِ؛ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَن خَيْرِ الدُّنْيَا والآخرة.
٣٣٦١ - وَكَتَبَ أَيْضًا (١): .. فَإِنَّ الشَّيْطَانَ اسْتَعْمَلَ حِزْبَهُ فِي إفْسَادِ دِينِ اللهِ الَّذِي بَعَثَ بِهِ رسُلَهُ وَأَنْزَلَ بِهِ كُتبهُ.
وَمِن سُنَّةِ اللهِ: أَنَّهُ إذَا أَرَادَ إظْهَارَ دِينِهِ أَقَامَ مَن يُعَارِضُهُ فَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيقْذِفُ بِالْحَقّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ.
وَاَلَّذِي سَعَى فِيهِ حِزْبُ الشَّيْطَانِ لَمْ يَكُن مُخَالَفَةً لِشَرْعِ مُحَمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم- وَحْدَهُ؛ بَل مُخَالَفَةً لِدِينِ جَمِيعِ الْمُرْسَلِينَ.
وَكَانُوا قَد سَعَوْا فِي أَنْ لَا يَظْهَرَ مِن جِهَةِ حِزْبِ اللهِ وَرَسُولِهِ خِطَابٌ وَلَا كِتَابٌ، وَجَزِعُوا مِن ظُهُورِ الإخنائية، فَاسْتَعْمَلَهُم اللهُ تَعَالَى حَتَّى أَظْهَرُوا أَضْعَافَ ذَلِكَ وَأَعْظَمَ، وَأَلْزَمَهُم بِتَفْتِيشِهِ وَمُطَالَعَتِهِ، وَمَقْصُودُهُم إظْهَارُ عُيُوبِهِ وَمَا يَحْتَجُّونَ بِهِ، فَلَمْ يَجِدُوا فِيهِ إلَّا مَا هُوَ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ، وَظَهَرَ لَهُم جَهْلُهُم وَكَذِبُهُم وَعَجْزُهُمْ، وَشَاعَ هَذَا فِي الْأَرْضِ، وَأَنَّ هَذَا مِمَّا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ إلَّا اللهُ.
ثُمَّ ذَكَرَ كَلَامًا وَقَالَ: بَل جِهَادُنَا فِي هَذَا مِثْلُ جِهَادِنَا يَوْمَ قازان وَالْجَبَلِيَّة وَالْجَهْمِيَّة والاتحادية وَأَمْثَالِ ذَلِكَ، وَذَلِكَ مِن أَعْظَمِ نِعَمِ اللهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ، وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ.
٣٣٦٢ - ظُلْمُ الْمُقَاتِلَةِ بِتَرْكِ الْجِهَادِ عَنِ الْمُسْلِمِينَ مِن أَعْظَمٍ ظُلْمٍ يَكُونُ.
٣٣٦٣ - مَضَتِ السُّنَّةُ بِأَنَّ الشُّرُوعَ فِي الْعِلْمِ وَالْجِهَادِ يَلْزَمُ؛ كَالشُّرُوعِ فِي الْحَجِّ؛ يَعْنِي: أَنَّ مَا حَفِظَهُ مِن عِلْمِ الدِّينِ وَعِلْمِ الْجِهَادِ لَيْسَ لَهُ إضَاعَتُهُ؛ لِقَوْلِ
(١) هذه الرسالة أرسلها الشيخ وهو في سجن القلعة في دمشق في آخر حياته قبل موته بقليل، وهي مكتوبةٌ بفحم، كما ذكر ذلك في العقود (ص ٣٨٠).