يَشْتَرِطْ لَفْظًا مُعَيَّنًا وَلَا فِعْلًا مُعَيّنًا يَدُلُّ عَلَى التَّرَاضِي وَعَلَى طِيبِ النَّفْسِ.
وَنَحْنُ نَعْلَمُ بِالِاضْطِرَارِ مِن عَادَاتِ النَّاسِ فِي أَقْوَالِهِمْ وَأَفْعَالِهِمْ أَنَّهُم يَعْلَمُونَ التَّرَاضِيَ وَطِيبَ النَّفْسِ بِطُرُقٍ مُتَعَدِّدَةٍ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ هَذِهِ الْأَسْمَاءَ جَاءَت فِي كِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ مُعَلَّقًا بِهَا أَحْكَامٌ شَرْعِيَّةٌ، وَكُلُّ اسْمٍ فَلَا بُدَّ لَهُ مِن حَدٍّ:
أ - فَمِنْهُ مَا يُعْلَمُ حَدُّهُ بِاللُّغَةِ؛ كَالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَالسَّمَاءِ وَالْأَرْضِ.
ب - وَمِنْهُ مَا يُعْلَمُ بِالشَّرْعِ؛ كَالْمُؤْمِنِ وَالْكَافِرِ وَالْمُنَافِقِ وَكَالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّيَامِ وَالْحَجّ.
ج - وَمَا لَمْ يَكن لَهُ حَدٌّ فِي اللُّغَةِ وَلَا فِي الشَّرْعِ: فَالْمَرْجِعُ فِيهِ إلَى عُرْفِ النَّاسِ؛ كَالْقَبْضِ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَن ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ" (١).
وَمَعْلومٌ أَنَّ الْبَيْعَ وَالْإِجَارَةَ وَالْهِبَةَ وَنَحْوَهَا لَمْ يَحُدَّ الشَّارعُ لَهَا حَدًّا، لَا فِي كِتَابِ اللهِ وَلَا سنَّةِ رَسُولِهِ، وَلَا نُقِلَ عَن أَحَدٍ مِن الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ أَنَّهُ عَيَّنَ لِلْعقُودِ صِفَةً مُعَيَّنَةً مِن الْأَلْفَاظِ أَو غَيْرِهَا أَو قَالَ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ: مِن أَنَّهَا لَا تَنْعَقِدُ إلَّا بِالصِّيَغِ الْخَاصَّةِ.
وَلَيْسَ لِذَلِكَ حَدٌّ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ.
فَإِذَا لَمْ يَكُن لَهُ حَدٌّ فِي الشَّرْعِ وَلَا فِي اللُّغَةِ كَانَ الْمَرْجِع فِيهِ إلَى عُرْفِ النَّاسِ وَعَادَاتِهِمْ، فَمَا سَمَّوْهُ بَيْعًا فَهُوَ بَيْعٌ، وَمَا سَمَّوْهُ هِبَةً فَهُوَ هِبَةٌ.
الْوَجْهُ الثالِثُ: أَنَّ تَصرُّفَاتِ الْعِبَادِ مِن الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ نَوْعَانِ:
أ - عِبَادَاتٌ يَصْلُحُ بِهَا دِينُهُمْ.
(١) رواه مسلم (١٥٢٥).