فَاَخْبَرَ أَنَّ هَذِهِ الْوَاجِبَاتِ مِن عِبَادَةِ اللهِ، وَقَضَاءُ الدُّيُونِ، وَصِيَانَةُ النَّفْسِ، وَالِاسْتِغْنَاءُ عَن النَّاسِ: لَا تُتَمَّمُ إلَّا بِالْمَالِ، وَمَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ، وَمَن لَا يُحِبُّ أَدَاءَ مِثْل هَذَا الْوَاجِبِ الْعَظِيمِ الَّذِي لَا يَقُومُ الدِّينُ إلَّا بِهِ فَلَا خَيْرَ فِيهِ.
٣٥٤٠ - لَا يَجُوزُ لِلدَّلَّالِ -الَّذِي هوَ وَكِيلُ الْبَائِعِ فِي الْمُنَادَاةِ (١) - أَنْ يَكُونَ شَرِيكًا لِمَن يَزِيدُ بِغَيْرِ عِلْمِ الْبَائِعِ؛ فَإِنَّ هَذَا يَكُونُ هُوَ الَّذِي يَزِيدُ وَيَشْتَرِي فِي الْمَعْنَى، وَهَذَا خِيَانَةٌ لِلْبَائِعِ، وَمَن عَمِلَ مِثْل هَذَا لَمْ يُحب أَنْ يَزِيدَ أَحَدٌ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَنْصَح الْبَائِعَ فِي طَلَبِ الزِّيَادَةِ وَإِنْهَاءِ الْمُنَادَاةِ.
وَإِذَا تَوَاطَأَ جَمَاعَةٌ عَلَى ذَلِكَ: فَإِنَّهُم يَسْتَحِقُّونَ التَّعْزِيرَ الْبَلِيغَ الَّذِي يَرْدَعُهُم وَأَمْثَالَهُم عَن مِثْل هَذِهِ الْخِيَانَةِ، وَمِن تَعْزِيرِهِمْ أَنْ يُمْنَعُوا مِن الْمُنَادَاةِ حَتَّى تَظْهَرَ تَوْبَتُهمْ.
٣٥٤١ - الْبَيْعُ بِتَخْبِيرِ الثَّمَنِ (٢): جَائِزٌ، سَوَاءٌ: كَانَ مُرَابَحَة أَو مُوَاضَعَةً أَو تَوْلِيَة أَو شَرِكَةً، لَكِنْ لَا بُدَّ أَنْ يَسْتَوِيَ عِلْمُ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي فِي الثَّمَنِ، فَإِذَا كَانَ الْبَائِعُ قَد اشْتَرَاهُ إلَى أَجَلٍ فَلَا بُدَّ أَنْ يَعْلَمَ الْمُشْتَرِي ذَلِكَ، فَإِنْ أَخْبَرَهُ بِثَمَنٍ مُطْلَقٍ وَلَمْ يُبَيّنْ لَهُ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ إلَى أَجَلٍ فَهَذَا جَائِز ظَالِمٌ.
٣٥٤٢ - إِنَّ مَن اشْتَرَى سِلْعَةً عَلَى وَجْهِ الْإِكْرَاهِ لَمْ يَكُن لَهُ أَنْ يُخْبِرَ بِالثَّمَنِ مِن غَيْرِ بَيَانِ الْحَالِ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ؛ إذ هَذَا مِن نَوْعِ الْخِيَانَةِ.
وَالْبَيْعُ بِتَخْبِيرِ الثَّمَنِ أَصْلُهُ الصِّدْقُ وَالْبَيَانُ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا وإن كَذَبَا وَكَتَمَا مُحِقَتْ بَرَكةُ بَيْعِهِمَا" (٣).
(١) في سوق الحراج، حيث يُنادي: من يزيد في السلعة، وله أجرة من البائع.
(٢) أي: البيع بإخبار المشتري بثمن السلعة التي اشتراها البائع.
(٣) رواه البخاري (٢٠٧٩)، ومسلم (١٥٣٢).