وَنَظِيرُهَا لَو كَانَ لِرَبِّ الْجِدَارِ مَصْلَحَة فِي وَضْعِ الْجُذُوعِ عَلَيْهِ مِن غَيْرِ ضَرَرِ الْجُذُوعِ، وَعَكْسُ مَسْأَلَةِ إمْرَارِ الْمَاءِ لَو أَرَادَ انْ يَجْرِيَ فِي أَرْضِهِ مِن بُقْعَةٍ إلَى بُقْعَةٍ ويُخْرِجَهُ إلَى أَرْضٍ مُبَاحَةٍ أَو إلَى أَرْضِ جَارٍ رَاضٍ مِن غَيْرِ أَنْ يَكُونَ عَلَى رَبِّ الْمَاءِ ضَرَرٌ: لَكان (١) يَنْبَغِي أنْ يَمْلِكَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ شَغْلَ الْمَكَانِ الْفَارغ، فَكَذَلِكَ تَفْرِيغَ الْمَشْغُولِ.
وَالضَّابِطُ أَنَّ الْجَارَ:
أ- إمَّا أَنْ يُرِيدَ إحْدَاثَ الِانْتِفَاعِ بِمَكَانِ جَارِهِ.
ب- أَو إزَالَةَ انْتِفَاعِ الْجَارِ الَّذِي يَنْفَعُهُ زَوَالُهُ وَلَا يَضُرُّ الْآخَرَ.
وَمِن أَصْلِنَا: أَنَ الْمُجَاوَرَةَ تُوجِبُ لِكُلٍّ مِن الْحَقِّ مَا لَا يَجِبُ لِلْأَجْنَبِيِّ، وَيحْرُمُ عَلَيْهِ مَا لَا يَحْرُمُ لِلْأَجْنَبِيِّ، فَيُبِيحُ الِانْتِفَاعَ بِمِلْكِ الْجَارِ الْخَالِي عَن ضَرَرِ الْجَارِ، وَيحْرُمُ الِانْتِفَاعُ بِمِلْكِ الْمُنْتَفِعِ إذَا كَانَ فِيهِ إضْرَارٌ. ٣٠/ ١٦ - ١٧
* * *
العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب
٣٧١٩ - رَوَى أَهْلُ السُّنَنِ أَبُو دَاوُد وَغَيْر (٢) عَن النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّه قَالَ: "الصُّلْحُ جَائِزٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، إلَّا صُلْحًا أَحَل حَرَامًا أَو حَرَّمَ حَلَالًا، وَالْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ، إلَّا شَرْطًا أَحَلَّ حَرَامًا أَو حَرَّمَ حَلَالًا".
وَحَدِيثُ عَائِشَةَ (٣) هُوَ مِن الْعَامّ الْوَارِدِ عَلَى سَبَب، وَهَذَا وَإِن كَانَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ يَقُولُونَ: إنَّهُ يُوخَذُ فِيهِ بِعُمُومِ الفَفْظِ وَلَا يُقْتَصَرُ عَلَى سَبَبِهِ، فَلَا نِزَاعَ بَيْنَهُم أَنَّ أَكْثَرَ العمومات الْوَارِدَةِ عَلَى أَسْبَابٍ لَا تَخْتَصُّ بِأَسْبَابِهَا؛ كَالْآيَاتِ
(١) في الأصل: (لَكِنْ)، ولعل الصواب المثبت.
(٢) أبو داود (٣٥٩٤)، والترمذي (١٣٥٢)، وابن ماجه (٢٣٥٣)، وأحمد (٨٧٨٤)، وقال الألباني في صحيح أبي داود: حسن صحيح.
(٣) يعني به: ما روته في قصة بريرة، وجاء فيه: "من اشترط شرطًا ليس في كتاب الله فهو باطل".