يَجُوزُ أَنْ يُؤَجِّرَهُ عَلَى أَنْ يُسَاقِيَهُ، أَو يُشَارِكَهُ عَلَى أَنْ يَقْتَرِضَ مِنْهُ، وَلَا أَنْ يَبِيعَهُ عَلَى أنْ يَبْتَاعَ مِنْهُ، وَنَحْو ذَلِكَ.
فَقَد صَحَّ عَن النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: "لَا يَحِلُّ سَلَف وَبَيْعٌ، وَلَا شَرْطَانِ فِي بَيْعٍ، وَلَا رِبْحُ مَا لَمْ يُضْمَنْ، وَلَا بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَك" (١)؛ كَذَلِكَ "نَهَى عَن بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ" (٢).
وَذَلِكَ أَنَّه إذَا بَاعَهُ أَو أَجَّرَهُ مَعَ الْقَرْضِ فَإِنَّهُ يُحَابِيهِ فِي ذَلِكَ لِأَجْلِ الْقَرْضِ، وَالْقَرْضُ مُوجَبُهُ رَدُّ الْمِثْل فَقَطْ، فَمَتَى اشْتَرَطَ زِيَادَةً لَمْ تَجُزْ بِالِاتِّفَاقِ.
وَكَذَلِكَ الْمُبَايَعَةُ وَالْمُشَارَكَةُ مَبْنَاهَا عَلَى الْعَدَالَةِ مِن الْجَانِبَيْنِ.
وَلهَذَا لَا يَجُوزُ أنْ يَشْتَرِطَ اخْتِصَاصَ أَحَدِهِمَا بِرِبْحِ سِلْعَةٍ مُعَيَّنٍ، وَلَا بِمِقْدَارٍ مِن الرِّبْحِ، وَلَا تَخْصِيصَ أَحَدِهِمَا بِالضَّمَانِ.
وَمَتَى بَايَعَهُ عَلَى أَنْ يُشَارِكَهُ فَإِنَّهُ يُحَابِيهِ، إمَّا فِي الشَّرِكَةِ بِأَنْ يَخْتَصّ بِالْعَمَلِ، وَإِمَّا فِي الْبَيْعِ بِزِيَادَةِ الثَّمَنِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَتَخْرُجُ الْعُقُودُ عَن الْعَدْلِ الَّذِي مَبْنَاهَا عَلَيْهِ.
وَأَيْضًا: فَفِي اشْتِرَاطِ الْمُشَارَكَةِ إلْزَامُ الْمُشْتَرِي بِتَصَرُّف خَاصٍّ، وَمَنْعُهُ بِمَا يُوجِبُهُ الْعَقْدُ الْمُطْلَقُ.
وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ: فَالْمَالُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ صَاحِبِهِ، وَلَو كَانَ شَرِيكًا لَمْ يَكُن لَهُ أَنْ يجْعَلَ الشَّرِيك الْآخَر هُوَ الَّذِي يَتَوَلَّى الْعُقُودَ والقبوض دُونَهُ؛ فَإِنَّ هَذَا إنَّمَا يَكُونُ فِي الْمُضَارَبَةِ لَا فِي شَرِكَةِ الْعِنَانِ.
وَإِذَا كَانَ الْبَيْعُ فَاسِدًا: لَمْ يَكُن لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِالثَّمَنِ الْمُسَمَّى، لَكنْ إنْ تَعَذَّرَ رَدُّ الْعَيْنِ: رَدَّ الْقِيمَةَ.
وَإِن كَانَ قَد عَمِلَ فِيهَا الْمُشْتَرِي الشَّرِيكُ: فَلَهُ رِبْحُ مِثْلِهِ فِي نَصِيبِ
(١) رواه أبو داود (٣٥٠٤)، والترمذي (١٢٣٤)، والنسائي (٤٦١١)، وأحمد (٦٦٧١). وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
(٢) رواه أبو داود (٣٤٦١)، والترمذي (١٢٣١)، والنسائي (٤٦٣٢)، ومالك (١٩٣٥)، وأحمد (٦٦٢٨). وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.