وَلِهَذَا قَالَ الْعُلَمَاءُ: يَجِبُ أَدَاءُ الْوَاجِبَاتِ وَإِن لَمْ تَحْصُلْ إلَّا بِالشُّبُهَاتِ، كَمَا ذَكَرَ أَبُو طَالِبٍ وَأَبُو حَامِدٍ: أَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَد سَأَلَهُ رَجُلٌ قَالَ: إنَّ ابْنًا لِي مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، وَلَهُ دُيُونٌ أَكْرَهُ تَقَاضِيهَا، فَقَالَ لَهُ الْإِمَامُ أَحْمَد: أَتَدَعُ ذِمَّةَ ابْنِك مُرْتَهَنَةً؟
يَقُولُ: قَضَاءُ الدَّيْنِ وَاجِبٌ، وَتَرْكُ الشُّبْهَةِ لِأَدَاءِ الْوَاجِبِ هُوَ الْمَأْمُورُ.
وَلِهَذَا اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ يُرْزَقُ الْحَاكِمُ وَأَمْثَالُهُ عِنْدَ الْحَاجَةِ وَتَنَازَعُوا فِي الرِّزْقِ عِنْدَ عَدَمِ الْحَاجَةِ.
وَأَصْلُ ذَلِكَ فِي كِتَاب اللهِ فِي قَوْلِهِ فِي وَلِيَّ الْيَتِيمِ: {وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ}.
فَهَكَذَا يُقَالُ فِي نَظَائِرِ هَذَا؛ إذ الشَّرِيعَةُ مَبْنَاهَا عَلَى تَحْصِيلِ الْمَصَالِحِ وَتَكْمِيلِهَا وَتَعْطِيلِ الْمَفَاسِدِ وَتَقْلِيلِهَا، وَالْوَرَعُ تَرْجِيحُ خَيْرِ الْخَيْرَيْنِ بِتَفْوِيتِ أَدْنَاهُمَا، وَدَفْعِ شَرِّ الشَّرَّيْنِ وَإِن حَصَلَ أَدْنَاهُمَا. ٣٠/ ١٩١ - ١٩٣
* * *
(حكم أخذ الأُجرةِ عَلَى الْإِمَامَةِ والْأَذَانِ، وتلاوة القرآن، وتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ وَالْعِلْمِ؟)
٣٨٧٥ - الاستئجار على نفس تلاوة القرآن غير جائز، وإنما النزاع في التعليم ونحوه مما فيه مصلحة تصل إلى الغير.
والثواب لا يصل إلى الميت إلا إذا كان العمل لله، وما وقع بالأجر من النقود ونحوها فلا ثواب فيه، وإن قيل: يصح الاستئجار عليه.
فإذا أوصى الميت أن يعمل له ختمة: فينبغي أن يتصدق بذلك على المحاويج من أهل القرآن أو غيره، فذلك أفضل وأحسن.
وإذا كان المعلم يقرئ فأعطي شيئًا جاز له أخذه عند أكثر العلماء.
ولا يصح الاستئجار على القراءة وإهدائها إلى الميت؛ لأنه لم ينقل عن