أَحَدُهُمَا: أَنْ يَبْنِيَ لِنَفْسِهِ، فَهَذَا لَا يَجُوزُ فِي الْمَشْهُورِ مِن مَذْهَبِ أَحْمَد، وَجَوَّزَهُ بَعْضُهُم بِإِذْنِ الْإِمَامِ.
وَفِي الْجُمْلَةِ: فِي جَوَازِ الْبِنَاءِ الْمُخْتَصِّ بِالْبَانِي الَّذِي لَا ضَرَرَ فِيهِ أَصْلًا بِإِذْنِ الْإِمَامِ (١). قَوْلَانِ:
وَنَظِيرُ هَذَا إذَا أَخْرَجَ رَوْشَنًا (٢) أَو مِيزَابًا إلَى الطَّرِيقِ النَّافِذِ وَلَا مَضَرَّةَ فِيهِ (٣)، فَهَل يَجُوزُ بِإِذْنِ الْإِمَامِ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد:
أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ كَمَا اخْتَارَهُ ابْن عَقِيلٍ وَأَبُو الْبَرَكَاتِ.
وَالثَّانِي: لَا يَجُوزُ.
وَمَن جَوَّزَ ذَلِكَ احْتَجَّ بِحَدِيثِ مِيزَابِ الْعَبَّاسِ (٤).
النَّوْعُ الثَّانِي: أَنْ يَبْنِيَ فِي الطَّرِيقِ الْوَاسِعِ مَا لَا يَضُرُّ الْمَارَّة لِمَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ؛ مِثْل بِنَاءِ مَسْجِدٍ يَحْتَاجُ إلَيْهِ النَّاسُ، أَو تَوْسِيعِ مَسْجِدٍ ضَيِّقٍ بِإِدْخَالِ بَعْضِ الطَّرِيقِ الْوَاسِعِ فِيهِ، أَو أَخْذِ بَعْضِ الطَّرِيقِ لِمَصْلَحَةِ الْمَسْجِدِ؛ مِثْل حَانُوتٍ يَنْتَفِعُ بِهِ الْمَسْجِدُ، فَهَذَا النَّوْعُ يَجُوزُ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد الْمَعْرُوفِ، وَكَذَلِكَ ذَكَرَهُ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَلَكِنْ: هَل يَفْتَقِرُ إلَى إذْنِ وَلِيِّ الْأَمْرِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ عَن أَحْمَد. ٣٠/ ٣٩٩ - ٤٠٣
* * *
(١) يُفهم من كلامه أنه إذا لم يكن بإذن الإمام فلا يجوز وجهًا واحدًا.
(٢) الروشن: هو أن يجعل سقفًا لا يتصل بالجدار الآخر، وإذا اتصل بالجدار الآخر سُمي ساباطًا.
(٣) هذا شرط مهم، فمن وضع مظلةً لسيارته عند باب بيته وتكون أعمدة المظلة في الطريق فإن ذلك لا يجوز.
(٤) اختاره العلَّامة ابن عثيمين رحمه الله وقال: الصحيح أنه لا بأسَ أنْ يُخْرِجَ ما جرتْ به العادة، مِمَّا لا يضر الناس وبإذن الإمام، فإن كان مما يضرهم فإنه لا يجوز حتى لو أذن من له الولاية على البلد، كرئيس البلدية -مثلًا-. اهـ. الشرح الممتع (٩/ ٢٥٤).